Articles Arabic

أضاءة .. ميلاد المسيح بين المسيحية والأسلام

يوسف تيلجي

أستهلال 

هذا الموضوع ليس سردا تخصصيا حول ميلاد السيد المسيح، الذي تعج به المصادر، ولكنه مجرد أضاءة عقلانية حول الخلاف المسيحي الأسلامي حول زمن الميلاد

المقدمة 

من الضروري أن أبين أن المقال ليس بحثا مكتملا ، وليس شاملا ، ولكنها مجرد أضاءة مقتضبة ، حول مسألة تأريخية خلافية ، بين المسيحية والأسلام ، وبقدر أقل بين بعض الطوائف المسيحية ، وهي تاريخ ميلاد المسيح . ويمثل هذا التأريخ ( تذكارميلاد المسيح ، وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر في التقويمين الغريغوري واليولياني غير أنه وبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني عشية6 يناير ونهار 7 يناير .. / نقل من الموسوعة الحرة ) ، من جانب أخر ، أن الكنيسة تحتفل بعيد بشارة المسيح يوم 25 مارس ، ليكون يوم 25 ديسيمبر ، متماشيا مع مولد المسيح /خاصة أذا اخذنا بنظر أن فترة الحمل 9 أشهر 

الموضوع

المحور الأول

مولد المسيح وفق الأناجيل / ففي أنجيل لوقا26 – 1 ، بشارة ولادة المسيح وردت كما يلي

( وفي الشهر السادس أرسَلَ الـلهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إلى بَلدَةٍ في الجَليلِ إِسمُها النـّاصِرَةُ ، إلى عذراءَ إِسمُها مَريَمُ ، كانَت مَخطوبَةً لِرَجُلٍ مِنْ بَيتِ داودَ إِسمُهُ يوسُفُ . فدخَلَ اليها المَلاكُ وقالَ لها : السَّلامُ علَيكِ ، يا مَنْ أنعمَ اللـهُ علَيها .الرَّبُّ مَعكِ . فاضطرَبَت مَريَمُ لِكلامِ المَلاكِ وقالَت في نَفسِها : ما مَعنى هذِهِ التَّحيَّةِ ؟ فقالَ لها المَلاكُ : لا تَخافي يا مَريَمُ ، نِلتِ حُظْوةً عِندَ اللـهِ : فسَتَحبَلينَ وتَلِدينَ اَبنًا تُسَمِّينَهُ يَسوعَ .فيكونُ عظيمًا واَبنَ اللـهِ العَليِّ يُدعى ، ويُعطيهِ الرَّبُّ الإلهُ عرشَ أبـيهِ داودَ ، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ إلى الأبدِ ، ولا يكونُ لمُلْكِهِ نِهايةٌ ! فقالَت مَريَمُ لِلملاكِ : ” كيفَ يكونُ هذا وأنا عَذراءُ لا أعرِفُ رَجُلاً ؟ ” فأجابَها المَلاكُ : الرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ علَيكِ ،وقُدرَةُ العليِّ تُظَلِّـلُكِ ، لذلِكَ فالقدُّوسُ الّذي يولَدُ مِنكِ يُدعى اَبنَ اللـهِ ). * أهم مرتكز شكلي في هذا النقل المعلوماتي ، كنص ماضوي ، هو أنهجاء غير مؤرخا ، ولكنه ربط أو قرن بأحداث  منها التالي “( الاكتتاب ) الذي حدث قبل ولادة يسوع بوقت قصير ،‏ حيث اصدر القيصراوغسطس مرسوما بأن «‏  يكتتب كل المسكونة‏»  فسافر الجميع ليكتتبوا ،‏ « ‏كل واحد الى مدينته ‏» ،‏ وهي رحلة توازي سفر اسبوع او اكثر في حالة أبوَي يسوع .‏ ( ‏لوقا ٢:‏ ١-‏٣‏ )‏ / نقل من الموقع التالي    https://www.jw.org” . وفي أنجيل متى 1- 2 ، يبين أن ولادة المسيح تمت في عهد هيرودس ملك اليهودية ” ولد يسوع في بيت لحم اليهودية ، في أيام هيرودس الملك 

المحور الثاني

مولد المسيح وفق القرأن / فقد جاء في سورة مريم 23 – 25 ، قال تعالى : (( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا”(23) منسيا فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا “(24) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا ” جنيا “(25) فكلي واشربي وقري عينا ” ))  .الموروث الأسلامي يرتكز جل تفسيره للحدث بأن الولادة تمت في وقت نضوج الرطب ، أي ليس في فصل الشتاء ، وهذا الأمر يستحيل به التوافق أنجيليا ، ولكن بعض المواقع الأسلامية انتهجت خطا أخرا مختلفا ، بالنسبة لتاريخ الحدث ، فقد جاء في موقع – الأسلام سؤال وجواب / نقل بـأختصار التالي ( أنها من الغيب الذي لا يمكن لأحدٍ الجزم به ، إلا أن يكون ممن يوحي لهم الـله تعالى بوحيٍ من عنده ؛ لأنه لا سبيل لمعرفة ذلك إلا به ؛لانقطاع الأسانيد بيننا وبين ذلك الزمان ، ولاختلاف النقلة في تحديد وقت ميلاده /المسيح ، أن معرفة ذلك الوقت علم لا ينفع ، والجهل به غير ضارٍّ ، ولو كان في معرفة ذلك فائدة لجاءتنا النصوص به ، ثم لو عرفنا وقت ميلاده : فما هو وقت ميلاد موسى ، وإبراهيم ، وغيرهما من الأنبياء والرسل ؟! وما فائدة معرفة ذلك الوقت ؟! .أن ميلاد نبينا محمد أقرب من ميلاد عيسى بن مريم ، وكان ابناً في بيئة تتجه لها أنظار العالَم – مكة المكرمة – ، وكان ابنا لشرفاء وسادة تلك البقعة ، ومع ذلك كله لا يُعرف على التحديد وقت ميلاده ، والخلاف في تحديد مشهور )

 بالرغم من تركيز القرأن على الاختلاف في فصول السنة في ولادة المسيح ، حيث يبين أن ولادة المسيح ، وقت نضوج الرطب / أي صيفا ، حيث أن الباري قال للعذراء مريم ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا ” جنيا ” ) ، هذا من جانب ، ولكن مفسري الاسلام ، من جانب أخر ، بينوا أن زمن وتأريخ مولد المسيح لا يمكن تحديده بالضبط ، وقالوا” من الغيب الذي لا يمكن لأحدٍ الجزم به ، إلا أن يكون ممن يوحي لهم الـله بوحيٍ من عنده 

أضاءأت 

سوف لن أتعرض للأية  23 – 25 من سورة مريم ، كنص أخباري !! ، لأن الأمر يحتاج الى مقالا أخر ، ممكن أن أتعرض له لاحقا ، ما سأتعرض له ” موضوعة التأريخ ” ، ومسألة هل ولد المسيح في ” الصيف أم في الشتاء ” !!

 بادئ ذي بدأ ، يمكن أن نقول أنه هناك أزمة جدا شفافة في ميلاد المسيح ، وذلك لأن حتى الأناجيل الأربعة مجتمعة لم تذكر موعدا واضحا لميلاد المسيح صراحة ، ويمكن أن يعزى ذلك لعدم أعتماد قياس تأريخي محدد في حساب السنين في ذلك الزمن ! ، ولأعتماد أكثر من قياس زمني أيضا، منه مثلا ، حساب تأسيس روما

2 . هناك حسابات خاصة لميلاد المسيح ، فقد جاء في الويكيبيديا التالي / نقلا عن الانبا تكلا وموقع الكنيسة القبطية الكاثوليكية ، نقل بأختصار وتصرف ، التالي ( رغم أن التقويم الميلادي يتخذ من ميلاد المسيح أساسًا لحساب السنوات ، إلا أنّ غياب الدقة منجهة ، والأخطاء في طول السنة الشمسية من جهة ثانية حتى أصلحت في القرن 16، قد جعلت تاريخ ميلاد المسيح ينزاح عن الموعد الافتراضي له ، الممثل في بداية التقويم الميلادي ، ولعدم أجماع الأناجيل القانونية الأربعة، كل هذا من جانب ، ونرئ من  جانب أخر إن إنجيل لوقا ، يذكر أن يوحنا المعمدان بدأ دعوته في السنة 15 من حكم طيباريوس قيصر ، وأن يسوع اعتمد بعد فترة وجيزة وكان عمره 30 عامًا . ملك طيباريوس قيصر شراكة مع أخيه عام 11 ومتفردًا عام 14 ، وبالاعتماد على التقويم الأول يكون يوحنا قد بدأ دعوته عام 26-27 وبالتالي يحدد تاريخ ميلاد المسيح بالعام4 قبل الميلاد ، وهو يتفق بذلك مع إنجيلي لوقا ومتى اللذان يذكران بأن المسيح قد ولد في عهد الملك هيرودس ، والذي حدد معظم الباحثين تاريخ وفاته عام 4-3 قبل الميلاد ،استنادًا إلى يوسيفوس فلافيوس.  هنا كدليل فلكي يعتدّ به عدد من الباحثين ، فإن إنجيل متى ، يذكر نجمًا عظيمًا ظهر تزامنًا مع ميلاد المسيح ولعلّه هو اقتران كواكب المشتري والزهرة والمريخ الذي تم نحو 6-4 قبل الميلاد . هناك نظرية أخرى ، وهي الأقرب للتقليد، باعتبار المسيح ، ولد نحو العام 2-0 قبل الميلاد ، وتقوم على احتساب السنوات الخمس عشر لحكم طيباريوس قيصر من حكمه منفردًا عام 14 ، هذا يجعل العماد نحو 28-30أي الميلاد نحو 2-0 قبل الميلاد / الميلاد ، داعموا هذه النظرية يؤخرون تاريخ وفاة هيرودس الكبير لنحو العام 4 للميلاد .)

3 . ومواقع أخرى تؤكد هذا المؤشرات ، فقد جاء في موقع : https://st-takla.org ، التالي ( إلا أن ما ذكره المؤرخ يوسيفوس يُظهِر بوضوح أن هيرودس الكبير الذي مات بعد ولادة المسيح بوقت قصير ( مت 2: 19 – 22 ) ، أنه مات قبل عام 754 لتأسيس روما ، أي أنه مات قبل عام 754 لتأسيس روما الذي تقابل سنة 4 ق. م. ولذلك فالحوادث التي جرت بعد مولد المسيح وقبل موت هيرودس ينبغي أن توضع في تاريخ سابق للسنة 4 ق . م ، وربما جرت هذه الحوادث قبل هذا التاريخ ، إذن ميلاد المسيح تمّإما في أواخر سنة 5 ق.م أو في أوائل سنة 4 ق.م

 هذه المؤشرات والتقاطعات تبين أن المسيح ، مولود قبل تأريخ ميلاده بحدود 4 سنوات ، ولا أرى في هذا أي خطأءأ عقائديا ، بل خطأءا حسابيا ، ولكني أحسبه من باب الشفافية الذي أعتمده رجال الكنيسة ، لأنهم أقروا وأعترفوا به ! ، ولكن لا توجد أي روايات تؤكد النص القرأني / بان الولادة قد تمت صيفا

4 . وأن أعتماد يوم 25 كانون أول لولادة المسيح ، جاء تاريخيا وفق الحدث التاريخي التالي  من صرح بوضوح أن يسوع ولد في 25 ديسيمبر هو القديس هيبوليتوس الروماني ، في تعليقه على كتاب النبي دانيال ، الذي كتب في عام 204 ، وبعض مفسري الكتاب المقدس يربطون هذا التاريخ بالأحتفال بعيد تكريس هيكل اوروشليم الذي أطلقه يهوذا المكابي في 164 قبل الميلاد ، وفي مرحلة لاحقة ، في القرن الرابع أخذ العيد هيكليته النهائية عندما حلم كان العيد الروماني المعروف بأسم ” الشمس الظافرة ” ، وتم التجديد بهذا الشكل على أن مولد المسيح هو انتصار ” النور الحق على ظلمة الشر والخطيئة” / نقل من  tps://www.eremnews.com ) .

 الكثير من المصادرالأسلامية تؤكد وتجزم على ان ولادة المسيح كانت شتاءا ، وهذا ما أكده “برنامج الدليل ” حلقة 16.01.2018 / المذاع من قناة الحياة ، والمقدم من قبل” الأخ وحيد ” ، الذي ذكر مصدرين يؤكدان ذلك وهما : ( اللباب في علوم الكتاب / لأبن عادل الدمشقي الحنبلي الجزء 13 ص 30 ) و ( البداية والنهاية لأبن كثير الجزء 2 ص 63 ) . والسؤال هنا كيف مخالفة هذين الشيخين للأية القرأنية منسورة مريم ، الواردة في أعلاه ! هذا من جانب ، ومن جانب اخر ،  كيف اتفقت روايتهما مع رواية الأنجيل ! . / للأطلاع مراجعة الحلقة أعلاه

 أما قضية الراعي /وجود رعاة وقت ولادة المسيح حيث كانوا أول المبشرين بولادته ، ويبين شيوخ الإسلام من أنه لا يوجد رعي شتاءا ! ، فأبين أن قضية الرعي هي دائمية لكل فصول السنة ، وكل البلاد التي فصولها الشتوية ثلجية ، نرى أن رعاتهم يرعون بأبرد الأوقات ، كتركيا وسوريا والأردن وأسرائيل / فلسطين

شعلة

 بعيدا عن كل ذلك ، أن قراءتي الخاصة للموضوع ، خلافية من كل ما سبق في أعلاه ! شخصيا ، لا أكترث كثيرا أن ولد المسيح في الموعد المتداول 25 ديسيمبر أو عشية 6 يناير ونهار 7 يناير ، أو أن كان صيفا ، شتاءا ، خريفا أو ربيعا ، ولا أهتم لفرق السنين والأيام ، وأختلاف أنظمة حسابات التواريخ / بالرغم من الأهمية التوثيقية لهذه الحسابات .. المهم ماذا سجل لنا الحدث ، أو ما جلبت لنا الواقعة بعد تحققها ، وماذا سجل لنا التاريخ بعد هذه الولادة ! أسجل لنا التأريخ عهدا دمويا أم عهدا للفرح والمحبة والسلام ! ، أما شهادتي المتواضعة لهذا الحدث ، هي : ” اني أرى كل الفرح والتسامح والغفران والمحبة في ميلاد المسيح ، مسيح السلام ، حيث تعتبر الولادة حدثا تاريخيا فاصلا ، بين ما كان  في الحقبة اليهودية ، وبين ما سيكون في الدعوة المحمدية / الدموية ! ، أن العهد الجديد / الأناجيل ، هو بشارة المحبة والخلاص ، المسيح بذاته هو من قبر الكراهية ، لأنه جاء بالمحبة والغفران والتسامح لعالم مضطرب ، متنبئا لأتبعائه ، بالقول الأتي ( سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لـله . / يوحنا 16 : 2 – 32 ) ، وهذا ما يتحقق الأن! ، وذهب المسيح مصلوبا لخلاص البشرية ، غافرا لصالبيه ، قائلا لهم : ” يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ” ( لوقا 23: 34 ) ، أن المسيح الذي أقتسموا حتى ثيابه : ” يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون ”      ( مزمور 22: 18) ، قام من القبر في اليوم الثالث ، والقيامة تعد أنتصارا وقهرا على الموت ، الموت الذي كتب على كل البشر والأنبياء والرسل ، عدا المسيح القائل ( أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ /أنجيل يوحنا أية 14 ، 6 ) ”

 وأسرد بهذا الخصوص ما قاله ” بليز باسكال ” فيلسوف ورياضي و فيزيائي فرنسي / 1623 – 1662 ، قول يمثل العلاقة والترابط والأنصهار للفرد في المسيح ، حيث قال ( عام النعمة ، إله إبراهيم وإله إسحاق ، وإله يعقوب ، وليس إله الفلاسفة والعلماء .. يقين ، وفرح عميق ، وسلام . إله يسوع المسيح .. ” إلهي وإلهكم ” فرح ، وفرح ، فرح ، ودموع فرح ، يسوع المسيح . أُصَلّي ألا أنفصل عنه أبداً /  نقل بتصرف من الموقع التالي   www.desiringgod.org  ) . 

تساؤلات

السؤال الذي يطرح نفسه وفقا لمنطق والعقل ، كيف لمعتقد محدد وهو الأسلام ، وكتاب مخالف للأنجيل ، وهو القرأن، الذي كتب بعد ولادة المسيح بأكثر من 7 قرون ، أن يتكلم عن واقعة حدثت قبل وجوده تاريخيا بعدة قرون ! ، وأن تكون روايته أصدق من شهود وكتبة الحدث ! ، وهل من الموضوعية أن يكون النص القرأني أصح من كتبة الأناجيل ، الذين كتبوا عن حياة سيدهم! ، ومنهم من رافقه ، وكان من أكثر المقربين أليه / كالانجيلي يوحنا .. من جانب أخر ، هل لدى الحقبة الأسلامية أي وثائق أو مراجع ، ممكن الأستناد أليها ، تمكنهم أن يكتبوا صدقا ، ما كان في عهد المسيح من الولادة وحتى الصلب ! .. كل هذا هومجرد  تساؤلات مشروعة

Follow Us