Articles Arabic

كـنيستـنا الكـلـدانية بـين الـدكـتاتـورية والـديمقـراطـية

بـقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

الـدكـتاتـورية :

(dictātus  ديكـتاتـوس ) كـلمة لاتينية معـناها : إملاء ، فـرض ، أمر … يمارسه شخـص واحـد أو قائـد عـسكـري أو حـزب واحـد مستخـدماً التهـديـد والـبـطش والعـقاب معـتمـداً أحـياناً عـلى سـذاجة مرؤوسيه وأحـياناً أخـرى عـلى تملـق حاشيته ومسانـدة الـدائرين في فـلكه ، والـويل لمَن يعـتـرض عـلى رأيه .

إنّ طبـيعة كـل دكـتاتـور هي الإستماتة من أجـل الأولوية والـتـسابق للـبـروز في الصفـوف الأمامية ، لـيُـظهـِرَ نـفـسه قائـداً أوحـداً في الـبـريّة والباقـين أتباعه يجـرون وراءه بعـبـودية … نـراهم في المواكـب أمامه ماشين ( وفي الإحـتـفالات لا يحـضر إلاّ بعـد إمتلاء القاعة بالمـدعـوّين ، كي ينـتـفخ بتصفـيق الفارغـين ) .

إنها الأنانية تعـوّض عـن الشعـور بالـنـواقـص الخـفـية ، وكل ذلك يحـصل بمسانـدة العـميان المثـقـفـين وهـزّازي الـذيـول المتـطـفـلـين ، حـين يرتـضون المـذلة لأنـفـسهم كالمتـسوّلين ، دون إدراكهم أن البشرية تـطـوّرت الـيـوم وترفـض المـتسلـطين .

نـراه يـبـيح لـذاته ما لا يسمح به لغـيـره ، ويخـوّلها ما لا يحـق لصاحـبه … فـمثلاً : يتـكـلم بعـباراته الواضحة أمام الناس دون حاجـته إلى إيضاحها ، لكـنه يسمح لـنـفـسه تـوضيحه الإضافي ! كأن يقـول :

الـقـديم معـناه عـتـيق ، الحـديث معـناه جـديـد ! …..

أعـتـرف للقارىء بأنْ ليس في ذلك ضرر ، آمنا بالله … لكـنه في ذات الـوقـت يفـتي ويمنع غـيره من أن ينهج ذات النهـج لـفائـدة السامعـين حـينما تـكـون هـناك ضرورة فـعـلية تـتـطـلـب إيضاحاً للموجـودين ، وإلاّ ! يصبح الكلام هـباءاً وهـدراً كحـفـيـف أوراق الشجـر في البساتين لا معـنى له للحاضرين ! … إنه ينهى عـن خـلـق ويأتيَ مثـله دون أنْ يعـرف أن ذلك ليس في صالحه !! ( وليكـن معـلـوما أن تجـديـداً مزعـوماً لا يعـني إيضاحاً لأنه لم يأتِ من قـلب محـتـرق من أجـل الناس ! وأنا لا أدوس تخـتة ﭼُـرّك والـدليل موجـود ) . 

لا مفـر لمعالجة هـكـذا حالة في مجـتمع المواطنين ، ولا يحـدث إنـقـلاباً في إستمرارية سلـوكـية الـدكـتاتـوريـيـن إلاّ حـين يتعـلم هـذا الشعـب ويتـثـقـف ويَعي قـيمة نـفـسه ، وحـريته في التعـبـيـر عـن رأيه ويعـرف حـقه كالمتحـرّرين !! لـذلك قال المسيح : ( إنْ عـرفـتم الحـق فالحـق يحـرّركم ) …

ها هـو الـﭘاﭘا فـرانسيس ينـبّه خـدَم الشعـب الـذين لا يزالـون يتـصورون بأنهم أمراء معـبـودين ! ناهـيك عـن البطرك لـويس يـقـول : (( لم تبـقَ في الكـنيسة عـقـلية نخـبة تملك السلطة والبقـية تـطـيعها … )) وإسمحـوا لي الآن أنْ أتجـنبَ الخـوض في تـفاصيل تـناقـضات الـبـطرك لـويس عـن مقـولته هـذه حـول سلوكه التسلطي النابع من مرضه النـفـسي ، فهي موضحة في العـشرات من مقالاتي المخـصصة عـنه .

إن المقال عـلى الرابـط الآتي ( الجـمّال والوالي ) يـوضح كـيـف يهـيمن القائـد الأناني لمدى طويل وكـيـف يكـرّس جـهـده بهـدف إستمرارية  تخـلـف تابعـيه المساكـين  

 http://alqosh.net/mod.php?mod=articles&modfile=item&itemid=31880

الـديمقـراطـية :

( dēmokratía )  كـلمة لاتينية تعـني :  حُكـم الشعـب فـيحـكم نـفـسَه بنـفـسِه ، وهـو مصطلح  صيغ من شـقـين في اللغة الـيـونانية (  δῆμος  ديموس = الشعـب ) ، ( κράτος   كـراتـوس = الحكـم ) ….

إنّ أغـلـب الـديمقـراطيات هي دكـتاتـوريات مجازة مِن قِـبَـل الشعـب الـمخـدوع بشعارات طنانة حـين يصدّق مرشحَه ودعاية برنامجه ، ويُـسلـّم أمره له مخـوّلاً إيّاه شـرعاً ، ومتـكـلماً بإسمه قانـوناً فـيصبح دكـتاتـوراً ، متـسلطاً عـلى رقـبة أبناء الـوطن رسمياً .

المنـطـق :

هـو الـبـصيرة ، عـقـل متـفـتـح خارق يـرفـض المساومة عـلى الحـق ! إنه يمـيّـز ويـدرك مصدر المعـلـومة أو الـفـكـرة وعـلـتها وتـفـسيرها وصحـتها ونـتيجـتها ، وإتخاذ قـرار مقـنِع مقـبـول عـنها دونما حاجة إلى دليل مادي أو تجـربة بُـرهاناً عـليها ، فلا تـرغـيب ولا تـرهـيـب بشأنها … إنه المنـطق لا يخـنع لـلـدكـتاتـورية (( ولا يحـتاج إلى تـصويت الأكـثـرية !!! التي قـد تـقـود إلى الهاوية )) !!!

فـمثلاً جـمعـية تـرفـيهـية تسعى إلى إسعاد جـماعات أعـضائها ــ عائلية أو فـردية ــ لا تحـتاج إلى تـصويت لـبناء علاقة مع منـظمة سياسية أو غـيـر سياسية ! التي يـطمح ركابها إلى الجـلـوس عـلى قـذارة مقاعـد العـفـونة السلطوية …. لأن المنـطق يرفـض إرتـباط جـمعـية عائـلية بمنـظمة سياسية ، فما الحاجة إلى تـصويت الـديمقـراطية ؟ ….. وهـنا لستُ أقـصـد حـرية الشخـص الـفـردية في التـصرف لـيُـعَـبّـرَ عـن مصلحـته الـذاتية ، إنه حـر !!.

   **************************************

إن مظاهـر تـفعـيل تلك المفاهـيم الثلاثة ( الـدكـتاتـورية ، الـديمقـراطية ، المنـطـق ) نـراها في تـنـظيمات الكـتـل البشرية المتمثـلة في حـقـول … أولاً : السياسة الأرضية ، ثانياً : السماء الأبـدية المتمثـلة بالكـنيسة … وأخـرى لا حاجة لـنا بها الآن ولا هي ضرورية .

أولاً : السياسة !

عـرّفها بسمارك بأنها ــ فـن العـمل في حـدود الممكـن ــ وقال عـنها ﭼـرﭼـل الـبريطاني ( في السياسة لـيس هـناك عـدو دائم أو صديق دائم وإنما تـوجـد مصالح دائـمة ) … وإذا كان دكـتاتـور أنـظمة الحـزب الواحـد يفـرض نـفسه بصلافة وعـنجهـية ، فإنّ الأنـظمة الـديمقـراطية ــ بعـد أنْ ينـتخـبها الشعـب ــ تـتجاهـله فـتـشرّع وتـرفع وتكـبس بـتعـسفـية ، دون أن تحـتـرم هـذا الشعـب المسكـين وقِـيَمه الإنـسانية ....

إن مملكة السياسة هي الماء والهـواء والـزرع والـدواء والطمع والغـيـرة والحـسـد وشيء من الغـباء ، والحـياة الأرضية الفانية وكـلها تـدور حـول الحـسابات المالية ! لـذلك وصفـوا السياسة بأنها مُـفـسِـدة لكـل شيء ، أما مملكة المسيح فهي لـيست عـلى الأرض بل في السماء حـيث وعـدَنا بها وصعـد لـيُـعِـدّها لـنا عـلى أمل أن يكـون هـناك مصيرنا ، لـذلك قال : لا يمكـن أن تخـدم سيـدَين ( الله والمال ) .

لكـنـنا نـرى الـيـوم كـثيراً من رجال الـدين تجاهـلـوا كلام المسيح فإرتـبـطـوا بالسياسة الفاسـدة بمقـدار أو بآخـر ــ أحـدهم زار وزير….اً ؟ لا يضره ولا ينـفعه بعـد أنْ ورّطه بها المنـتـفع غـيره ، يا حـيـف !!!!! ــ

إن هـؤلاء يتـكـلمون في السياسة مبرّرينها لـنا بحجـج فاهـية غـيـر مقـنِعة .. فالـبطرك لـويس روفائيل يـبرر لـنـفـسه ويخـدع أبناء الله الموكـلين لـديه قائلاً ــ لي كـلمة في السياسة ــ يا كـلمة ويا بطيخ …. إن ( الـتـقـيّة ) مبـدؤه !! ليس في مسيحـيتـنا ولا تـخـصنا ، لـذا فهـو ليس صادقاً بالحـرفـية ، بـدلـيل إمتـدّ تـدَخـّـله في السياسة إلى أمور لا تخـصه كـرسالته إلى بشار الأسـد طالـباُ منه (( التغـيـيـر )) ! عـزيزي البطرك أنت ياهـو مالـتك وشـنـو إللي يخـصّك ؟ وتـصريحه اللامسؤول للأتـراك ومجازرهم ، وإعـتـرافه أمام تجـمع المؤمنين الكلـدان في كـنيسة ألمانيا قائلاً ــ إحـنا فاسـدين ! ــ ومقابلاته لـلسياسيـين المحـلـيـيـن والأجانب والسفـيـرات والتي لا تحـصى ولا يجـني منها ثمراً ((( أللهمّ إلاّ ما خـفـيَـتْ عـنا لا نعـلم بها ، فالله هـو باحِـر الـقـلـوب ))) .

ناهـيـك عـن تـدخــّـل بعـض المطارنة في السياسة ويعـرفـون أنـفـسهم وكـلها موثـقة … نعـم لهم ظـروفهم ، ولكـن بإمكانهم صيانة كـرامة كهـنـوتهم ( ولا يجـزّئـونه عـلى ﮔـولة لـويس الـبـطرك ) كأنْ يقـولـوا كما كـنـتُ أنا أقـول :

في سنـين الوظـيفة كانت تـوجّه إلـينا كـتـباً رسمية فـيها سؤال فـطـيـر بكـل معـنى الكـلمة (( ما هـو موقـفـك من الحـزب والـثـورة )) … فهـل هـناك موظف غـبي أثـوَل يجـيب قائلاً : أنا ضد ؟ !

فكان جـوابي البسيط والـذي يتـوقـعـونه فأقـول (( أنا سائـر في خـط الحـزب والـثـورة )) ، وأما عـن التحـزب ، فأستـنـد إلى كلام القائـد الضرورة وأقـول : (( كـلـنا حـزبـيـون وإن لم نـنـتـمِ ! )) فأصون كـرامتي وحـياتي ولا تـكـون لـديهم حجة عـليّ . 

ثانياً : الكـنيسة … مَن هي ؟

الجـواب :

(1) إذا كان للإكـلـيروس حاجة عـنـد الناس ، فالناس يمثـلـون الكـنيسة وعـليهم أن يـبـنـوها بكـل مرافـقها ويُـرفــّهـوا عـن قادتها !! …. تـفـضلـوا هـذا المثال أنا شاهـده : (( كاهـن ، الآن هـو مطران تجاوز الـ 75 ولا يزال فعالاً ، خـطب قائلاً : إن بـيت الله ، ألله يـبنيه ، والكـنيسة بحاجة إلى تـرميم ، وعـليه أطـلـب منكم أن تـشـكــّـلـوا لجـنة من بـيـنكم لكـشف الأضرار ووضع الخـرائط وتـقـديـر التكالـيف وجـمع التـبرعات والمباشرة بالعـمل والصرفـيات ، إنها لكم وأنا لـن أتـدخـل في شـؤونكم !!!! )) كلام رائع مِن خادم أروَع ، ولكـن حـﭼـي بـيناتـنا ، حـين إبتـدأ العـمل صار هـو جامع التـبرعات وكاشف الترميمات وواضع التصميمات ومقـدّر الكـلـوفات والمباشر بالعـمليات وصارف الصرفـيات ، والناس نـواطـير الخـضراوات ، لا يعـرفـون ماذا يجـري في الخـفاءات … عـلماً أنّ الـبعـض ساهموا متـطـوّعـين بأنـواع  العـمل ، فـلم نعـرف كم جـمع وكم صرف وكم بقي وكم وكم وكم ….. فـماذا تـتـرجّـون منه وهـو صاحـب مقـولة : (( غـصباً عـن مار ﭘـطـرس )) .

يا أخي ، بالروح بالـدم نـفـديك يا عـم ، ولكـن ماذا تعـمل بالـفـلـوس إلاّ إذا وإلاّ لـذا وإلاّ كـذا … إلاّ إذا كان لـديك مَن يتـطـلـب منك ــ غـصباً ــ أن تـصرفَ عـليهم ، وأبـوك ألله يرحـمه .

عـلـيـنا يا أبـونا والآن يا سيـدنا ؟ مو ملـّـينا ؟ …

أكـيـد هـناك مَن يقـول مع نـفـسه : يا مايكـل ، هـسّا أنـت ياهـو مالـتـك بالإنـﮔــلـيز ومْـدَوّخ رأسك !.

(2) أما إذا كان الناس بحاجة إلى الإكـلـيروس ، فالإكـلـيروس هم الكـنيسة لا غـيـر ، وما عـلى أبناء الله إلاّ تـقـديم طاعة عـمياء وولاء الأذلّاء وخـنوع العـبـيـد التعساء ، فأي مكـيال هـذا بـين الحالـتـين يا سماء ؟ .

إنّ دكـتاتورية قادة الكـنيسة تـتمثل بـوضوح في الإكـلـيروس بكافة درجاتهم دون إستـثـناء (( والطيّـب بـينهم ، يرى نـفـسه مضطـرّاً إلى إقـتـفاء أثـرهم كي لا يرونه شاذا عـنهم )) مقـتـنعـيـن مع أنـفـسهم بأنهم مخـوّلـون من السماء للهـيمنة عـلى الإنسان منـذ ولادته حـتى لحـظة دفـنه تحـت التراب ، والبُـسطاء من عامة الناس يصدقـونهم … أما الأثـرياء والأكاديميـيـن يربحـون كـلمة عـفـرم منهم .

 

 

About the author

Kaldaya Me

Comment التعليق

Click here to post a comment
  • الاستاذ مايكل سيپي المحترم

    تحية طيبة لك
    ولجميع متابعي مواضيعك المحترمون

    كان عندي صديق القوشي كان لديه مثل دائما يقول لي
    (((آهتْ كچِيكتّة أيذُوخْ بقنّة ددبُّور ككّي )))

    يعني انت همينا تبحبش بقن الزنابير فشوف الزنابير الي طلعتلك بموقع عنكاوة للمرتزقة من امثال هذا اللوگي الدايح بشوارع سان دياگو
    كوركيس اوراها منصور الهوزي !!!

    هل تعلم هذا الشخص دخلنا معه بنقاش وقال بانه ليس لديه الوقت لدخول الانترنيت لانه يشتغل بصناعة الفرارات
    وها هو موقع عنكاوة يثبت بان كوركيس مصاب بالأسهال بكثرة ردوده ومداخلاته ويتناطح عامي شامي
    مثل الحية المگصوصة ذيلها بس تلدغ
    فلا تترجى خير اً من هكذا نماذج دايحة
    لانهم مبرمجون للواگة لصالح اسيادهم الدكتاتوريين
    وشكراً

Follow Us