Articles Arabic

آن الأوان أن نـضع غـبطة البطريرك ساكـو الـديّان والشيخ الكلداني ريان في كـفة الميزان

جـرت الإنتخابات البرلمانية العـراقـية الأخـيرة في 12 أيار 2018 وتـسابقـت عـلى مقاعـدها المسيحـية الخـمسة (كـوتا) ثمانية إئتلافات وأحـزاب وحـركات وشخـصيات مستـقـلة من الكـلـدان والسريان والآثوريين، وكان من ضمن هـذه الإئتلافات قائمتان للكـلـدان:

أولا- واحـدة تحـت إسم إئـتلاف الكلدان 139 الـتي ضمت كلاً من الحـزب الـديمقـراطي الكلداني والمجلس القـومي الكلداني، وهـذا الأخـير كان قـد وقع في حـضن المجـلس الآغاجاني (المتبني للتسمية الـقـطارية) الـذي هـو بـدوره أيضاً فـرع من الحـزب الديمقـراطي الكـردستاني تحـت مسمى آخـر، وكما هو معـلوم أن سكرتير الحـزب الديمقـراطي الكلداني أيضاً كان في صفـوف حـزب الـﭘـارتي الكـردستاني سابقاً والـذي بفـضله حـصل عـلى عـضوية الـﭘـرلمان لمدة أربع سنـوات.

ومن الجـدير بالـذكـر أن قائمة إئتلاف الكلدان كان فـيها شخـصيات من الرابطة الكلدانية والمعـروف عـنها أنها واجهة سياسية لغـبطة البطريرك لويس ساكـو، حيث أنها ــ الرابطة ــ دعـمت قائمة إئتلاف الكلدان بكل قـوتها ومِن قِـبَـل الكـنيسة الكلدانية في العالم وخاصة الأبرشيات الكلدانية في أميركا وكـندا وأستراليا.

ثانيا- والقائمة الثانية لحـركة ــ بابليون 166ــ ترأسها الشيخ ريان الكلداني مع أنه لم يرشح نفسه فـيها بل تـضمّـنتْ بغالبـيتها أسماءً جـديدة غـير معـروفة في الساحة السياسية العـراقـية.

فـبعـد الـفـرز والعـد حـصلت قائمة بابليون برئاسة الشيخ ريان على مقعـدين، أما قائمة إئـتلاف الكلدان فـقـد حـصلت عـلى كـرسي واحـد، وبالطبع فإن البطرك لويس ساكـو نفسه كان الواجهة من خلف الكـواليس لقائمة 139، ومهما زمّروا عكس ذلك فلا يُـقـنِعـون إلّا أنـفسهم، لأنها الحـقـيقة بـذاتها.

هكـذا مالت كـفة ميزان الكلدان والأشخاص العـراقـيين الذين إنـتخـبوا حـركة بابليون إلى جهة عـلمانية شريفة وليس الى أشخاص متملـقـين للـرئاسة المؤوسسة الكـنسية التي دخـلت معـترك السياسة، والتي زعماؤها هم بحـد ذاتهم مهـزوزين ونرجسيـين.

لـقـد قـرأنا الكـثير من الإنـتـقادات بأنْ لولا أصوات المنـتخـبـين الشيعة لما حـصل الشيخ الكلداني على أضعاف ما حـصلـت عـليه بقية الـقـوائم. فالعـدد الكـلي للكـوتا المسيحـية من جميع الـقـوائم بلغ (120,573)  صوتاً، وهـذا العـدد يفـوق بكـثير عـدد الاصوات (من القادرين على التصويت) من الشعب المسيحي المتبقي في داخل العـراق بكل مسمياته، فلا أحـد يعاتب الآخـر لأن جـميع الـقـوائم حـصلت على أصوات من جميع المحافـظات العـراقـية التي ليس فـيها وجـود مسيحي يُـذكـر كما يظهـر في النتائج النهائية التـفـصيلية والخاصة بأصوات مرشحي قـوائم كـوتا المسيحـيـين، حسب ما أعـلنـتها المفـوضية العـليا للإنـتخابات العـراقـية 2018.

ولكـن الذي إستغـل طريقة ذكـية وصحـيحة للإنتخابات نال أصواتاً أكـثر بل ضعـف ممن إستغـل حتى منبر الكـنائس للدعاية، ولربما لم يعـط بعـض الكلدان صوتهم لقائمة إئتلاف الكلدان بسبب تـدخل الرئاسة الكـنسية، لا بل حتى كان هناك أشخاص ينـتمون الى الرابطة الكلدانية أعـطوا صوتهم إلى قـوائم أخـرى.

فالنتيجة التي أمامنا على أرض الواقع هي أن القاعـدة الشعـبـية لريان الكلداني تـفـوق بأضعاف القاعـدة الشعـبـية للبطريرك الكلداني ساكـو الذي حاربه منذ بداية تسنمه كـرسي بابل في 2013.

إن ريان الكـلداني (إبن ألـقـوش البار): يشرفـنا لمجـرد حـمله الـلـقـب الكـلداني.

نعم ، إن السيد ريان الكلداني أثبت على أرض الواقع أنه دافع عن أرض وعـرض الناس وخاصة في سهـل نينوى ضد مَن كان قـد باعها بأبخس ثمن (كل من قـبض الثمن من السيد وزير المالية السابق لإقـليم كـردستان).

وأيضا برهن ريان الكلداني وطنيته وإخلاصه لشعـبه عـموماً على ساحة المعـركة في تحـرير المدن والقرى والبلدات من خلال كـتائب بابليون، وكـذلك أثبت نـفسه في الإنتخابات البرلمانية أنه زعـيم وقائد يُعـتمد عـليه في المستـقـبل لنهـوض الأمة الكلدانية في العـراق.

وهنا يجـب قـول الحـق، أنـني أحـترم توجّهات الشيخ ريان الكلداني وأي شخـص آخـر، وهـذا لا يعـني بالضرورة أن تكـون مطابقة لتوجهاتي الشخـصية.

فالكلدان اذا ما أرادوا النهـوض من سباتهم، يجب أن ينهـض من بـينهم زعـماء وقادة عـلمانيون وسياسيون وليس دينيين كـنسيين. وكما نـنـتـقـد تـدَخل رجال الدين الإسلامي في السياسة كـذلك نـنـتـقـد تـدَخل البطرك ساكـو وأي رجل دين مسيحي غـيره بالسياسة … وإلّا لماذا نـتـذمر من حكـومة جمهـورية إيران الإسلامية المسيّرة من قِـبَـل رجال الدين (الملالي)؟.

وعـندما نرى عمائمَ في مجـلس البرلمان العـراقي نـقـول عـنهم أنّ هـؤلاء هم مَن دمروا العـراق. ((هنا يجـب أن نـذكـر الآية الإنجـيلية التي قالها يسوع المسيح في إنجيل مار متي 7:3 ” ولماذا تـنظر القـذى الذي في عـين أخـيك وأما الخشبة التي في عـينك فلا تـفـطن لها ” ؟!)) .

أليس صاحـب المقـولة هـو البطريرك ساكـو الذي قال : عـلى الكاهن أن لا يجَـزء كهـنوته !!!!؟؟؟

فاليوم يجـب ان نـتعـلم الدرس من الماضي القريب الذي أوصلنا إلى ما نحـن عـليه من جـراء تـدخّـل القادة الكـنسيين بالسياسة من جهة، كما كان تـدخل قادة الكـنيسة الآثورية في القـرن الماضي هـو السبب الذي جـلب الـكـوارث عـلى شعـبهم المؤمن (قـتل مار بنيامين، ومذبحة سميل، وتـشريدهم من قـراهم في هكاري تركـيا، ومن قـرى أورميا إيران، ونزوحهم الى العـراق). وبالضبط كما فعـلتْ رئاسة الكـنيسة الكلدانية عام 1921 عـند تأسيس دولة العـراق، حيث إرتضت على نفسها في العهـد الملكي أن يكـون للبطريرك الكلداني منـصباً في مجلس الأعـيان، ونـتيجـته كانت هـضم وسلب حـقـوق الشعب الكلداني بترضية الرئاسة الكـنسية وبطركها فـقـط (مار عمانوئيل يوسف تـوما ومار يوسف غـنيمة). فلا نـفـتخـر بمنصب البطريرك في مجلس الأعـيان، ولا نـريد ان نراه يتكـرر بعـد ذلك.

إن رجال الكـنيسة هـؤلاء، كل واحـد من موقعه حارب بشكل أو بآخـر الشخصيات الكلدانية المدنية في ذلك الزمن، بمعـنى أن الكـنيسة الكلدانية لم تستغـل أشخاصاً قادة من شعـبها الكلداني كي يدخـلوا في معـترك السياسة، كان الأجـدر بها أنْ تـدعـمهم وتـترك قـيادة الأمة الكلدانية مدنيا وسياسيا في أيديهم، لا أنْ تحاربهم.

أمثال هـؤلاء الأبطال كان: القائد آغا بطرس (باز- تركـيا) ، آغا عـزيز ياقـو (فـيشخابور – زاخـو عـراق)، داوود سيسي (تلكـيف – موصل- عراق)، كـريم عُـﮔـلة (سليمانية – عراق)، توما توماس (القوش- عراق) وغيرهم. واليوم بالتأكـيد يوجد بيننا مثل إولـئـك الشخـصيات بين أبناء الأمة الكلدانية مَن هم مؤمنون بالمبادئ والثوابت الكلدانية كل واحـد منهم ضمن إخـتصاصه وموقعه، وعـلينا دعمهم كي ينـفـذوا مهمتهم في نهوض أمتهم وليس محاربتهم، هذا من جهة السياسة. أما من جانب الهـوية القومية الكلدانية، فـلدينا شخـصيات من الذين يحملـون فكـرا حضاريا وثـقافـيا نيّرا ــ كـنسيا ومدنيا ــ في نـفس الوقت، يجب الإستـفادة من فكـرهم وخبرتهم وتأريخهم وإنجازاتهم، وليس كما نرى في الساحة اليوم أن غالبية الشعب الكلداني يسير مكـفـوف العـيون وراء أشخاص ذوي فكـر متـقـلب دون خـطة عمل نظيفة ولا خارطة إنقاذ على ارض الواقع، إلّا فـقـط عـناوينهم الطنانة في إعلامهم الهابط الذي غايته فـقـط تمجـيد الـذات لا أكـثر! ولهذا نرى حـقـيقة شعـبنا الكلداني مدنيا وكـنسيا أنها في أزمة ومأساة مِن قِـبَـل هـؤلاء القادة الجـدد (5 سنوات- وليست أقـوى الآن)، وأنّ وضعه يسير يوما بعـد يوم من سيء إلى أسوء.

خاتمة:

عـندما أراد الشعب اليهـودي يوما ما تـنصيب يسوع ملكا عـليهم، جاز هـو من وسطهم وذهب، لأن ملكـوت يسوع ليست من هذا العالم. فـيا رجال الدين بدون إستـثـناء: كـفـوا عن تـدخلكم في السياسة، فالسياسة يُـقال عـنها فاسـدة والسياسيون هم من أساسهم فاسدين. ولأن السياسة تحركها المصالح الشخـصية أو الـفـئوية، أمّا الدين فـيجب أن ينزه عـن ذلك، وإلّا سوف يفـقـد جـوهره وروحه … لـذا أمنـيتي أنْ يصل الـدين الى أهل السياسة …. ولا يصل أهـل الدين إلى السياسة، كما قيل.

(أنا شخـصيا لا أتـدخل في السياسة إلّا من باب حـقـوق الإنسان).

 

الأب نوئيل كـوركيس

 

Follow Us