Articles Arabic

     الكـلـدان المسيحــيّـين في العـراق

مقابلة مع كاهـن من الكـنيسة الكـلـدانية الكاثـوليكـية صحـيفة ــ

 The Angelus

 http://www.angelusonline.org/index.php?section=articles&subsection=show_article&article_id=3953

أدناه مقابلة مع كاهـن من الكـنيسة الكـلـدانية الكاثوليكية حـول وضع الكـنيسة في العـراق.

ترجمة كادر الموقع

صحـفـية أنجـلس : أبونا ، أنت كاهـن كلداني قـد ترك العـراق في أوائل التسعـينات وجـئـتَ إلى الولايات المتحـدة كلاجئ . خـدمتَ الجماعة الكلدانية في انحاء البلاد وإن قارئ ــ صحـيفة الـ أنجـلز ــ متـلهـف لمعـرفة مصدر الصراع في الشرق الأوسط ، لماذا تـتحاربون في الـدول العـربية ؟
الأب : بالنسبة لي هناك شئ واحـد يعـرف هـذه الحـرب الدائرة لأكـثر من 1400 سنة . اليوم اننا مركـزون على داعش ، لكـن هذه الجماعة وغيرها من الجماعات يمارسون الدين المكـتـوب في كـتابهم ــ القـرآن ــ إنهم يتبعـون قانونا ، دستور العـراق ، قانون الشريعة.
صحـفـية أنجـلس : هل تعـني الجهاد ؟
الأب : إنهم يطبـقـون الجهاد لكـن الشريعة تـتـضمن عـناصر أخـرى من القانون مثل ” أهـل الـذمة ” . إن كـنتَ مسيحـياً ، فإنك مواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة . هناك قسم من الرئاسات في الترتيب الكـنسي يرفـض أن يسمينا كـلـداناً ويفـضلون تسمية مسيحـيّـين وبالتالي نُجـبَـر للموافـقة على ما يقـوله القرآن وبالتالي نكـون محـميّـين في البلد الإسلامي قانونا وقائـدا.
صحـفـية أنجـلس : بالنظر للأوضاع الحالية في العـراق ، ألا تكـون تلك حياة لا بأس بها ؟
الأب:  إن هـذا الوضع الخانع هـو خلاف وضعي مدني ، إنـني كلداني والمواطنة حـقي . لـقـد كـنتُ هناك قـبل مجيء الإسلام وأن تلك الأرض هي أرضي والكلدان هم الـقـوم الأصليّـين البابليون ، في حين ان العـرب هم الغـزاة . العـراق حـقـنا لكـنـنا بدون قـوة . لنا تراث ، العـرق ، واللغة الأصيلة.
صحـفـية أنجـلس : أبونا ، تبدو وكأنك تـتحـدث عن الكـلـدان كـقـوم ، هل يتضمن ذلك الطقس الكلداني ؟
الأب:  إنّ الذين يشتركـون في القـومية الكـلـدانية ، أغـلبهم مسيحـيّـين ، هناك بعض من الإسلام أو غير المؤمنين . وبالنسبة للمسيحـيّين فإن الغالبية هم من الكاثوليك (الكلدان، الارمن، واللاتين) والأقـلية (النساطرة ، السريان ، الأرمن، الـبـروتستانت) حيث يمثلون 20% من الكلدان . ان الطقس الكلداني ، وكـذلك الطقس الملباري، ويخـتـلف عن الطقـوس الشرقـية الأخـرى مثل الطقس الماروني او الطقس الارمني.
وإن كل الطـقـوس الكاثوليكية تـشترك في الوحـدة الثلاثية للكـنيسة الكاثوليكـية في ايمان واحـد ،  الأسرار السبعة ، وسلطة البابا العـليا.
صحـفـية إنجـلس : هل يمكـن أن تعـطينا بعض الأرقام عـن تـناقص الكاثوليك في البلد ؟
الأب:  في عهـد صدام حسين كان هناك 1.5 مليون مسيحي بضمنهم البروتستانت وكان يـبلغ تعـداد الكلدان الكاثوليك 800000 نسمة . أما في عـراق اليوم فهـناك 300000 مسيحي حـيث يسكـن غالبـيتهم في الشمال نظرا لهـدوء الأوضاع بعـد الحـرب مع داعش سنة 2015 ، وقـد إنـتـقـل قسم منهم إلى بغـداد ، خلال فـترة الحـرب مع داعش .
صحـيفة أنجـلس : لـقـد كان هـناك نزيف كـبـير في السنوات الأخـيرة.
الأب : قـليل هـم الذين يستطيعـون العـودة إلى ديارهم وفي كل يوم تغادر عائلة أو إثـنـتـين إلى تركيا ، لبنان ، او الاردن حيث ينـتـظرون الذهاب الى الولايات المتحـدة ، كـندا ، واستراليا حـيث يتركـز الكلدان هناك . فـفي الولايات المتحدة يبلغ عدد الكلدان 300000 وهناك حوالي 50000 في كـندا واستراليا . وكما ترى فإن تعـداد الكلدان في الولايات المتحـدة يعادل تعـدادهم في العـراق.
صحـيفة انجـلس : لماذا كان العـراق مركـزاً  صراع دائم ؟ هل ذلك يخـتـلف عن الذي يجـري في سوريا ؟
الاب:  يعـود ذلك للـدول المجاورة ذات المصالح في العـراق . وقـبل 100 سنة أقـرّ الإنـكـليز أن يكـون الرئيس سني ورئيس الوزراء شيعي ولكـن فـيما بعـد تحـولت الحكـومة بالكامل إلى أيدي السنة في حين يشكل الشيعة 65% من السكان . لـقـد كان صدام حسين سني وحكم بلد غالبـيته من الشيعة ولم يكـن جـيدا لشعـبه ، لـقـد كانت له السيطرة التامة وبدلاً من أن يدع الناس يعـيشون كـبشر ، أجـبرهم ان يعـيشوا كعـرب . وحـتى في عهـده كانت هناك حرب دينية لمحـو شعـبه.
صحـيفة انجـلس :  لقـد عـلِمنا أن نظام صدام كان المفـضل لـدى المسيحـيـين ، وبالأخص الكـلـدان المسيحـيّـين ؟
الأب:   في عهـد صدام كان هناك صراع بين الحكـومة والشيعة حـيث دفعـت الأقـليات الثمن وبالأخـص الكلدان المسيحـيـين الـذين لم تكـن لهم أية قـوة ، ولم يحـصل ذلك إلّا في وقـت الحصار حين أرادت الحكـومة ان تـبهـر وسائل الإعلام حـيث سمحـت بممارسة الـدين عـلنا وإستغـلت ذلك كـدعاية لخـداع الغـرب . ولكـن على الأقـل في عهـده عاش المسيحـيـين بسلام . وكان الكلدان خـدَماً جـيدين ومسالمين ، كما كانوا أقـلية ومصدر سلام  بين الاحـزاب المتصارعة لأنهم لم يمتـلكـوا أية قـوة لإيـذاء أحـد او تولي السيطرة.
صحيفة انجلس : هل تأثرتم بالحـرب ؟
الأب : إنني من شمال العراق وان قـريتي تقع بين العراق وسوريا وتركـيا وكانت قـد دُمرت ولم يعـوضنا أحـد أي شئ لأن الحـرب كانت بين صدام حسين والأكـراد حيث دفع شعـبي الثمن ولم يأتِ أحـد لنجـدتـنا . وبسبب ذلك رحَـلت عـوائل كـثيرة الى بغـداد.
صحيفة انجلس : هل كـنـتم تمارسون عـبادتكم في بعض الأحـيان ؟
الأب:  إن الدين المسيحي يعاني من ضغـط غـير شرعي كما كان في ذلك الوقـت وإلى اليوم ، يمكـنك ان تمارس دينك داخـل كـنيستك فـقـط وليس خارجها . قـبل 15 سنة غـيّروا أسماءنا المسيحـية بأسماء عـربـية مثل رامي وصلاح . هناك قانون لا يسمح ان يكـون ارتـفاع أية كـنيسة أعـلى من الجامع ، كما ان المسلم الذي يرغب بالتحـول الى المسيحـية ويسمى ــ مرتـدّ … الردّة ــ لا يمكـنه ذلك عـلنا حتى الـيـوم لأنه يُـحـكم عـليه بالإعـدام . واذا أراد أبَـوان مسيحـيان التحـول إلى الاسلام فإن الأولاد يُـحَـوّلون أوتوماتيكـيا إلى الإسلام . كما أن داعش أظهـر ألوانه الحـقـيقـية حيث كان يرسل هذه الرسالة إلى المسيحـيـين : إما أن تـغـيّـر دينـك إلى الإسلام او تـدفع الجـزية ….. إن داعش دام في العـراق لمدة سنـتين والآن إنـتهى ولكـن أجـندته ( أجـنـدة الإسلام ) تـطبق منـذ أكـثر من 1400 سنة ، إنه إسم جـديد ولكـن نـفـس الأجـنـدة ، إن القوانين لم تـتغـير نهائيا.
صحيفة انجلس : ما هـو الحال الآن في العـراق ؟
الأب : الحرب بدأت سنة 2003 وإنـتهت 2015 ولكـن الوضع اليوم هـو أسوأ مما كان في عهـد صدام حسين لإنعـدام النظام في البلد . كان داعش هنا لسنـتين لكـن الصراع بـين الفرق الإسلامية الأخـرى سيدوم لوقت طويل . فالخلاف بـين الشيعة والسنة ، وبـين الأكـراد مع الأكـراد ، والسنة مع السنة ، والشيعة مع الشيعة مستمر . من المهم ان يكـون هناك قائد واحـد يقـود البلد لكـن حين يقـول كل واحـد أنـني القائـد ! لـن تـنجح القضية . ومن أجـل الرجـوع إلى الوضع الصحـيح يجـب ان يكـون هناك دكـتاتور ، بمعـنى آخـر رجل يريد مصلحة شعـبه مثل بناء المدارس الجـيدة ، وتـوفـير فـرص العـمل والصحة العامة ، الناس الجـيـدون يريدون ممارسة طقـوسهم الدينية بسلام فـقـط ، الشخص ذو التوجه العسكـري والسياسي بإمكانه تحـقـيق الازدهار للبلد ولا يمكن بلوغ ذلك إلّا بوجـود اميركا ، التي ذهـبت إلى العـراق من أجـل نـفـطه ولموقعه الستراتيجي ، أما الآن فلا تريد التدخل ودفع ثمن لـتهـدئة العراق.
صحيفة انجلس : هل العـراق مستعـد للديمقراطية ؟
الاب:  إن الحـديث عن الديمقراطية تحـت قانون الشريعة هـو أضحـوكة كـبـيرة تعـني تـقـديم كل الإمتيازات للإسلام وسحق الحـريات للمسيحـيـين ، ولا تـتصور أنهم سيعـطون نفس الحـقـوق للمسيحـيـين كما للعـرب . تركيا اليوم دولة دكـتاتورية رجعـت إلى جـذورها الإسلامية . وكمثال ، فإن الإسلام في بغـداد لهـم طرق لإشعار المسيحـيـين بأنهم غـير مرحب بهم . إن المسيحـيـين الذين كانوا يملكون محلات تجارية لا يسمح لهم اليوم بفـتح محلات (مشروبات) في العـراق … بغـض النظر عـن أن غالـبـية الزبائن كانوا من الإسلام . وهذه احـدى الطرق التي تـتبعها الحكـومة للـضغـط على الأقـليات.
صحيفة انجلس : ما هـو حال مسيحيي العراق اليوم ؟ هل هناك شحة في الكهنة ؟
الأب:  القـضية تعـتمد عـلى الظرف … فـفي الشمال هناك الحـرية وهناك كـنائس وهناك كهنة ولكـن وبالنظر للشحة فـكـثير منهم متـزوجـين . وفي مناطق أخـرى من البلد وبالرغم من أن إقامة الشعائر الدينية مسموحة لكـن إقامة الـقـداديس محـفـوفة بالمخاطر … الكـنائس موجودة كما أن الحكـومة تساعـد في إمتلاكهم للكـنائس لكـن المشكلة أن المبالغ التي تعـطى للمسيحـيـين هي منح وليست حـقـوق . القانون العـراقي لا يعـترف إلا بالاسلام.
صحيفة انجلس : ماذا تعـني ؟
الأب : الاقـليات الدينية تأخذ المبالغ من الحكـومة لبناء الكـنائس لكـنهم لا يُعـتبرون مواطنين كاملين.  وفي وضع كهـذا يكـون من الأفـضل فـصل الكـنيسة عن الدولة لكـن الإسلام دين سياسي والفـصل مستحـيل . تـقـديم الأموال ليست المشكلة في العـراق لكـن حـين تـقـدم الحكـومة الإسلامية هذه للمساعـدة فإن إحـتمال الفساد وارد جـدا. رؤساء الكـنيسة الكاثوليكية لديهم الأموال والمنح لمشاريعهم لكـنهم يفـقـدون قسم من استـقلاليتهم في العـملية.
صحيفة انجلس : إنك تسكـن حاليا في الولايات المتحـدة ، كيف يمكـنك مساعـدة المسيحـيـين في العراق ؟
الأب : أفـضل شئ هـو الطلب من البـيت الأبـيض لقـبـول الكلدان في الولايات المتحـدة كلاجـئين . الكـثير من أبناء شعـبي الكلداني تركـوا البلاد ويرغـبون المجئ للولايات المتحـدة ليكـونوا جـزءا من هذا البد الجـديد وليصبحـوا مستـقبلا مواطنين اميركان يمكـنهم ممارسة حـريتهم الدينية.
صحيفة انجلس :  أليس من الأفـضل أن يـبقى المسيحـيـين هـناك أملا في إرجاع الإيمان حيث خرج منذ عهـد الرسل ؟
الأب : إنّ المسيحـيـين اليوم باقـين في العـراق لأنهم يحـتاجـون إلى مكان للعـيش ولكـن ليس لهم مستـقـبل فـيه . وأحسن مثال أقـدمه هو القـديس يوحنا المعمذان ، لماذا لم يـبقَ في الهـيكـل ؟ بسبب الفساد هناك . إنها مثل قـضية اليهـود ، في سنة 70 هـرب المسيحـيـون اليهـود من اورشليم وهـذا هو نفس وضع مسيحـيي العـراق اليوم ، نحـن نغادر لكـن بابل هي وطننا وأنها بلدنا الروحي والحـضاري . ولكن مع الأسف في العـراق لا يمكـنـنا أن نعـيش ايماننا. إذا زرت الكـنائس فـلن تسمع اللغة الكلدانية تستعـمل في القـداس لأن مسؤولي الـكـنيسة يجـبروننا على العـربية وفي المستـقـبل سيخسر الكـلـدان في العـراق لغـتهم . لماذا لا يمكـنهـم أن يسموا أولادهم بأسماء كلدانية ؟ شيء فـشيء سيخسرون ميراثهم . الذهاب إلى أميركا هو الطريق للحـفاظ على تراثـنا. ربما في المستـقـبل يمكن الرجـوع للعـراق ولكـن ليس الآن . كل من يبقى تكـون حياته معـرضة للموت

Follow Us