Articles Arabic

مصالحتنا مع اللـه بالمسيح

بقلم الشماس سمير كاكوز

الجزء الأول

 اللـه منذ قديم الزمان يعد البشرية أن تتم المصالحة الكاملة والتامة مع ذاته من خلال غفرانه المتكرر لهم فيكشف أنه إله رحمة ورأفة ومحبة، “ومَرَّ الرَّبُّ قُدَّامَه فنادى الرَّبُّ الرَّبّ إِلهٌ رَحيمٌ ورَؤُوف طَويلُ الأَناةِ كَثيرُ الَرَّحمَة والوَفاء”  (سفر الخروج 34 : 6 )

اللـه يكشف عن صفاته في هذه الاية وخاصة رحمته الغير محدودة للبشرية جمعاء لكن لا يمكن أن نرى وجهه قالاً لموسى: قال أَمُرُّ بِكُلِّ حُسْني أَمامَكَ وأُنادي بِآسمِ الرَّبِّ قُدَّامَكَ وأَصفَحُ عَمَّن أَصفَح وأَرحَمُ مَن أَرحَم وقال أَمَّا وَجْهي فلا تَستَطيعُ أَن تَراه لأَنَّه لا يَراني الإِنْسانُ وَيحْيا. (سفر الخروج 33 : 19 ـ 20 ).

اللـه من تلقاء ذاته يتنازل عن غضبه للمصالحة مع الانسان فمحبة اللـه ورحمته ونعمته هي أروع ما أعلن اللـه عن شخصه وطبيعته، لا يقدر المؤمن أن يرى مجد اللـه وحضوره بل حنانه ونعمته وسخائه التي توجّهُه إلى معرفة من هو الرب، “سَحَبتَ كُلَّ سُخطِكَ ورَجَعتَ عن سَورةِ غَضَبِك” (مزمور 85 : 4 ).

 مراحم الـله الكثيرة تعيد الثقة الى قلب المؤمن من صلاته والتي يكسب بها البركة وعدم غضب اللـه واللـه يتكلم بالسلام مع شعبه المؤمن به اللـه عادل ويحكم بالحق والحكم الحق هو الموت على الخاطئ واللـه رحيم والرحمة والحق إلتقيا على الصليب بموت المسيح على خشبة الصليب هذه الصفات الرحمة والحق والبر والسلام هي متحدة ومتعاونة للعمل سوية معناً، “إِنِّي أَسمعُ مما يَتَكلَمُ بِه اللـه لِأَنَّ الرَّبَّ يَتكلَمُ بالسَّلام بالسَّلام ِلِشَعبِه ولأَصفِيائه فلا يَعودوا إِلى الحَماقة” (مزمور 85 : 9 ).

بالرغم أن شعب أسرائيل عدة مرات ينقض عهده مع اللـه في سيناء لكن يعد من تلقاء ذاته بعهد جديد أبدي لا نهاية له، “ها إِنَّها تَأتي أَيَّام يقولُ الرَّبّ أَقطعُ فيها مع بَيتِ إِسْرائيلَ وبَيتِ يَهوذاعَهداً جَديداً لا كالعَهدِ الَّذي قَطَعتُه مع آبائِهم يَومَ أَخَذتُ بِأَيديهِم لِأُخرِجَهم مِن أَرضِ مِصْرَ لِأَنَّهم نَقَضوا عَهْدي مع أَنِّي كُنتُ سَيِّدَهم يَقولُ الرَّبّ ولكِنَّ هذا العَهدَ الَّذي أَقطَعُه مع بَيتِ إِسْرائيلَ بَعدَ تِلكَ الأَيَّام يَقولُ الرَّبّ هو أَنِّي أَجعَلُ شَريعَتي في بَواطِنِهم وأَكتُبُها على قُلوبِهم وأَكونُ لَهم إِلهاً وهم يَكونونَ لي شَعباً” ( سفر أرميا 31 : 31 ـ 33 ).

 اللـه يقيم العهد الجديد وكتب في الاناجيل وأعمال الرسل والرسائل والرؤيا ويكون روحياً مطبوع في القلوب داخل باطن الانسان بولادة جديدة يعرف بها وصايا وتعاليم اللـه ومشيئته فعندما نسلم أنفسنا وحياتنا للـه معناه أن روحه القدوس فانه يوجد فينا الرغبة لطاعة اللـه وبمعنى اخر نقيم علاقة جديدة شخصية دائمة مع اللـه وهذا العهد الجديد هو الرب يسوع المسيح العهد الابدي الجديد أذن هذه هي رحمة اللـه الواسعة للبشرية، “وآخُذُكم مِن بَين الأُمَم وأَجمَعُكم مِن جَميعَ الأَراضي وآتي بِكم إِلى أَرضكم وأَرُشُّ عليكم ماء طاهِرًا فتَطهُرونَ مِن كُلِّ نَجاسَتِكم وأُطَهِّرُكم مِن جَميعِ قَذاراتِكم وأُعْطيكم قَلبًا جَديدًا وأَجعَلُ في أَحْشائِكم روحًا جَديدًا وأَنزِعُ مِن لَحمِكم قَلبَ الحَجَر وأُعْطيكم قَلبًا مِن لَحْم وأَجعَلُ روحي في أَحْشائِكم وأَجعَلُكمِ تَسيرونَ على فَرائِضي وتَحفَظونَ أَحْكامي وتَعمَلون بِها وتَسكُنونَ في الأَرضِ الَّتي أَعطَيتُها ِلآبائِكم وتَكونونَ لي شَعبًا وأَكونُ لَكم إِلهًا وأُخَلِّصُكم مِن كُلِّ نَجاسَتِكم وأَدْعو الحِنطَةَ وأُكَثِّرُها ولا أُلقي علَيكمُ الجوع وأُكَثِّرُ ثَمَرَ الشَّجَرِ وغَلَّةَ الحَقْل لِئَلاَّ يَنالَكمِ بَعدَ اليَوم عارُ الجوعِ في الأُمَم” ( سفر حزقيال 36 : 24 ـ 30 ).

 اللـه يعرض المصالحة مع عروسه الخائنة هكذا المصالحة تكون وتجمع بين الزوج والزوجة المتخاصمين عليهم قدر الامكان أن لا يفترقا ويرحما الواحد للاخر كما رحمنا الـله وأعطانا سلامه ومحبته بيسوع المسيح. “وإِن فارَقَتْه فلْتَبقَ غَيرَ مُتَزَوِّجة أَو فلْتُصالِحْ زَوجَها وبِأَلاَّ يَتَخَلَّى الزَّوجُ عنِ امرَأَتِه” (رسالة قورنتس الاولى 7 : 11 ).

“لِذلكَ هاءَنَذا أَستَغْويها وآتي بِها إِلى البَرِّيَّةِ وأُخاطِبُ قَلبَها ومِن هُناكَ أَرُدُّ إِلَيها كُرومَها وأَجعَلُ مِن وادي عَكورَ بابَ رَجاء فتُجيبُ هُناكَ كما في أَيَّامِ صِباها وفي يَوم صُعودِها مِن مِصر وفي ذلكَ اليَومِ يَقولُ الرَّبّ تَدْعينَني زوجي ولا تَدْعينَني بَعدَ ذلك بَعْلي فإِنِّي أُزيلُ أَسماءَ البَعْليمِ مِن فَمِها فلا تُذكر مِن بَعدُ بِأَسْمائِها وأَقطعُ لَهم عَهداً في ذلك اليَوم مع وُحوشِ البَرِّيَّةِ وطُيورِ السَّماء والحَيَواناتِ الَّتي تَدِبُّ على الأَرْض وأَكسِرُ القَوسَ والسَّيفَ والحَربَ مِنَ الأَرْض وأُريحُهم في أَمان وأَخطُبكِ لي لِلأَبَد أَخطُبُكِ بِالبِرِّ والحَقِّ والرَّأفَةِ والمَراحِم وأَخطُبُكِ لي بِالأَمانَةِ فتعرِفينً الرَّب” (سفر هوشع 2 : 16 ـ 22 ).

 اللـه بسلامه وحنانه ورحمته وبره يضمنا اليه لكن يأتي وقت تصبح الخيانة مستحلية كيف ألا بعودة العلاقة بين اللـه وشعبه واسرته اللـه يقبلنا في نعمته وسلامه ويغفر لنا خطايانا ويشدنا الى علاقة قوية معه وبشخصه والتي تصبح لنا شركة لا يمكن أحداً أن يفلصها الرب الاله قاد شعبه في البرية جرّده شيئًا فشيئًا من غنى مصر السمك اللحم البطيخ الذي وها هو يفعل الآن لينطلق مع المؤمنين على أسس جديدة وارض جديدة وعهد جديد مع يسوع المسيح هذا ما يرجوه الرب أن يخضع لي كل أنسان حرفيا ويتجاوب معي.

 وكذلك يعرضها على اولاده وبنيه الذين تركوا عبادة اللـه والمتمردين العروس التي تقدّم نفسها للعريس وتناديه من سيدي الى زوج بمعنى الألفة وعودة الى السلام والامان حيث الحيوان الخاضع لآدم وأنضمام جميع الحيوانات في سفينة نوح يتآلف مع الانسان ويغيب عنه كل سلاح هذا هو العهد الجديد المثبت على الحق والعدل والسلام من اللـه والرحمة والحنان تحولت الحياة الى عهد جديد بيسوع المسيح. “إِنبِذوا عنكم جَميعَ مَعاصيكمُ الَّتي عَصَيتُم بِها واصنَعوا أَمم قَلبًا جَديدًا وروحًا جَديدًا فلِماذا تَموتونَ يا بَيتَ إِسْرائيل؟ فإِنَّه لَيسَ هَوايَ في مَوتِ مَن يَموت يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ فارجِعوا واحيَوا” (سفر النبي حزقيال 18 : 31 ـ 32 ).

 المصالحة مع اللـه كانت هدفها التطهير من جميع خطايانا لكي نرجع الى اللـه بالرغم لم يكن بعد مغفرة تامة كان المؤمنون في أنتظار شيء أفضل للمصالحة، “ولْيَستَجِبْ لِصَلواتِكم ويُصالِحْكم ولا يَخذُلْكم في أَوانِ السُّوء” ( سفر المكابيين الثاني 1 : 5 )

“وإِن سَخِطَ علَينا رَبُّنا الحَيُّ حيناً قَليلاً لِمُعاقَبَتِنا وَتأديبِنا فسيُصالِح عَبيدَه مِن بَعدُ” ( سفر المكابيين الثاني 7 : 33 ).

“وبَعدَما آنتَهَوا مِن ذلك أَقاموا صَلاةً عامَّةً سائِلينَ الرَّبَّ الرَّحيمَ أَن يَعودَ فيُصالِحَ عَبيدَه مُصالَحَةً تامَّة” ( سفر المكابيين الثاني 8 : 29 ).

“فلَمَّا كانَ العالَمُ بِحِكمَتِه لم يَعرِفِ اللّـه في حِكمَةِ اللـّه، حَسُنَ لَدى اللّـه أَن يُخَلِّصَ ألمُؤمِنينَ بِحَماقةِ التَّبشير؟” ( رسالة قورنتس الاولى 1 : 21 ).

 ظهرت حكمة اللـه في الخلق فرفضها العالم لكن اللـه بحكمته خلص العالم واعطانا السلام وصالحنا حين قدم ابنه مسيحياً مصلوباً على الصليب المصالحة مع الاله الرب تمت مع يسوع المسيح الوسيط بين اللـه والناس كاملة ونهائية بعمل الفداء وهو الموت على الصليب. “لأَنَّ اللـهَ واحِد والوَسيطَ بَينَ اللـهِ والنَّاسِ واحِد وهو إِنْسان أَيِ المسيحُ يسوعُ” ( رسالة طيموثاوس الاولى 2 : 5 ).

 الخطيئة فصلتنا عن اللـه لكن أتت الذبيحة المسيح بحياة جديدة لكل الجنس البشري وعهد جديد عهد الفرح والتواضع والسلام والخلاص قام به شخص واحد وهو الرب يسوع المسيح واكدها لنا الرسول بولس في عدة رسائل. “فإِن صالَحَنا اللـهُ بِمَوتِ َابِنه ونَحنُ أَعداؤُه فما أَحرانا أَن نَنجُوَ بِحَياتِه ونَحنُ مُصالَحون لا بَل إِنَّنا نَفتَخِرُ بِاللـه بِرَبِّنا يسوعَ المسيحِ الَّذي بِه نِلْنا الآنَ المُصالَحة” ( رسالة رومة 5 : 10 ـ 11 ).

 إن المصالحة شأنها شأن التبرير واقع حاضر لدى المسيحيين وهي تملأ قلوبهم فرحًا فموت المسيح أصبحنا أحباء اللـه وأصدقاء له لا أعداء فيما بعد وأنفتح طريق الملكوت السماوي، “وهذا كُلُّه مِنَ اللـهِ الَّذي صالَحَنا بِالمسيح وأَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة ذلك بِأَنَّ اللـهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا لِلعالَم وغَيرَ مُحاسِبٍ لَهم على زَلاَّتِهم ومُستَودِعًا إِيَّانا كَلِمَةَ المُصالَحَة فنَحنُ سُفَراءُ في سَبيلِ المسيح وكأَنَّ اللـهَ يَعِظُ بِأَلسِنَتِنا فنَسأَلُكُم بِاسمِ المسيح أَن تَدَعوا اللّـهَ يُصالِحُكُم” ( رسالة قورنتس الثانية 5 : 18 ـ 20 ).

 اللـه يمحو ويغفر خطايانا ويستردنا لنفسه ويصالحنا ويجعلنا ابرار أن نؤمن بيسوع المسيح ايماناً حقيقياً فنصبح بعدها لا أعداء ولا غرباء ولا أجنبيين بل أحباء الـله وأبنائه. “ويُصلِحَ بَينَهما وبَينَ اللـه فجَعَلَهما جَسَدًا واحِدًا بِالصَّليب وبِه قَضى على العَداوة جاءَ وبَشَّرَكم بِالسَّلام أَنتُمُ الَّذينَ كُنتُم أَباعِد وبَشَّرَ بِالسَّلامِ الَّذينَ كانوا أَقارِب” ( رسالة أفسس 2 : 16 ـ 17 ).

“وأَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ موجود مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه وأَنتُمُ الَّذينَ كانوا بِالأَمْسِ غُرَباءَ وأَعداءً في صَميمِ قُلوبِهمِ بِالأَعمالِ السَّيِّئَة قد صالَحَكُمُ اللـهُ الآنَ في جَسَدِ ابنِه البَشَرِيّ صالَحَكم بِمَوتِه لِيَجعَلَكم في حَضرَتِه قِدِّيسينَ لا يَنالُكم عَيبٌ ولا لَوم”( رسالة قولسي 1 : 20 ـ 22 ).

 هذه ألأيات هي دليل كافي للمصالحة مع الـله وفتح باب الملكوت السماوي بعد ان كان مغلقاً . مصالحتنا مع الـله بالمسيح كانت المبادرة من اللـه ومن ذاته بسبب أن الانسان لم يتمكن المصالحة مع الخالق من ذاته لانه أهانة اللـه بخطيئته وعليه الـله عمل المصالحة معنا عيى يد أبنه يسوع المسيح كما ورد في الاية من رسالة قورنتس الثانية 5 : 18 ، اللـه أحبنا ونحن اعدائه، “اِغضَبوا ولَكن لا تَخطَأُوا لا تَغرُبَنَّ الشَّمْسُ على غَيظِكم” ( رسالة أفسس 4 : 26 ).

“فكَما أَنَّ زَلَّةَ إِنسانٍ واحِدٍ أَفضَت بجَميعِ النَّاسِ إِلى الإِدانة فكَذلِكَ بِرُّ إِنسانٍ واحِدٍ يَأتِي جَميعَ النَّاسِ بِالتَّبْريرِ الَّذي يَهَبُ الحَياة” ( رسالة رومة 5 : 18 ).

 الرب يسوع يمنحنا السلام والمصالحة التامة مع اللـه بموته على الصليب ويقدم لنا الفرصة أن نولد في عائلته الروحية المقدسة اللـه ويسوع برهنا على حبهم من أجلنا وحبّهم المجانيّ لأننا لم نكن نستحق شيئًا لأننا خطأة، “فدَعْ قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبح واذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك” ( أنجيل متى 5 : 24 ).

 ومات من أجلنا وتم نجاتنا من الموت المحتوم الابدي فالمصالحة كانت بموت يسوع على الصليب، “فإذا كانَ رَفضُهُم أدّى إلى مُصالَحَةِ العالَمِ معَ اللـهِ فهَلْ يكونُ قُبولُهُم إلاَّ حياةً بَعدَ موتٍ” ( رسالة رومة 11 : 15 ).

“ويُصلِحَ بَينَهما وبَينَ اللـه فجَعَلَهما جَسَدًا واحِدًا بِالصَّليب وبِه قَضى على العَداوة” ( رسالة أفسس 2 : 16 ).

جسدًا واحدًا أي جسد المسيح الذي قدّم على الصليب والانسان الجديد الذي هو الكنيسة هذا السر كان مرتبط ومتصل بسر محبة يسوع العظمى الكثيرة والتي أحبنا بها وبلا حدود، “ولكِنَّ اللـهَ الواسِعَ الرَّحمَة، لِحُبِّه الشَّديدِ الَّذي أَحَبَنَّا بِه” ( رسالة أفسس 2 : 4 ).

 جسد واحد هو جسد المسيح أي الكنيسة والروح والرجاء الواحد وإن تعدّدت وجهاته كل هذه تربطنا به يسوع في النهاية والروح هو الذي يوحّدنا ونحن نتجاوب معه حين نعيش السلام والمحبة والرجاء والامل مع الاب والابن والروح القدس والمجد لـله دائما.

Follow Us