Articles Arabic

قراءة في مسؤولية الخطاب الديني عن التحرش الجنسي

يوسف تيلجي
 برزت ظاهرة التحرش بشكل كبير وجدي في الأونة الأخيرة، وأرتبطت بالعرب بشكل خاص، وحتى أصبحت هذه الظاهرة مرافقة لهم أينما أرتحلو وحلو (*)، والتحرش الجنسي يعرف على أنه: «اعتداء ذو طبيعة جنسيّة، تجاه شخص آخر. وعلى الرغم من أن الاعتداءات الجنسية غالباً ما تكون من قبل رجل تجاه امرأة، إلاّ أنه من الممكن أن يحدث من قبل رجل تجاه رجل، أو امرأة تجاه رجل، أو امرأة تجاه امرأة» / موقع نوافذ – من مقال د. أسامة عثمان، وسأتكلم في هذا المقام عن التحرش ضد المرأة .. وتحتل مصر مركزا متقدما في هذا المجال، نتيجة للكبت والأنغلاق المجتمعي، فلا يجد المرء تنفسا في المجتمع المصري يفرغ فيه شحناته الجنسية سوى هذا العمل/ الفعل اللاأخلاقي، وسأفرغ ملاحظاتي وتساؤلاتي على شكل أضاءأت: 
 1. لخطاب الديني الأسلامي أثر كبير في بروز هذا الفعل اللاحضاري، حيث أن التحرش الجنسي يتناسب طرديا مع بروز وتفاقم الخطاب الديني المتزمت، فلا نلحظ أي ظاهرة مثلا في مصر للتحرش في ستينات أو سبعينات القرن الماضي الذي كان فيه الخطاب الديني هزيلا، حيث كانت مصر بمنتجعاتها/الأسكندرية ومرسى مطروح ..، تعج بالمصرين والمصريات وهن بلباس السباحة/المايوه!، ولم يسجل أي فعل يذكر من هذا النوع في تلك الأيام الخوالي، أما الأن فالمصريات بكامل لباسهم أضافة للحجاب أو النقاب ولا تستطيع المرأة ان تتمشى بحرية بشوارع معينة وباوقات خاصة! .
2. وتمادت ظاهرة التحرش بالبروز العلني في كثير من المناسبات، حيث أن الجمهور أصبح لا يخجل من ممارستها، وكأنها فعلا عاديا، كمثل ما حدث مع بعض المراسلات الصحفيات، كالذي حدث مع مراسلةfrance 24  في ميدان التحرير في مصر / شاهد الفديو التالي :  https://www.youtube.com/watch?v=dw4dRj3NS3I  ، وكذلك ما حدث بسائحة أجنبية –الاعتداء جنسيا على سائحة أجنبية وتجريدها من ملابسها في ميدان التحرير/ شاهد الفديو التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=uIgMsRHbwpE 
 3. أن عملية الفصل الجنسي بين الذكور والأناث، ساعد على بروز هذا الفعل، لأنه ولد لدى الذكور حالة نفسية مستعصية تجاه الجنس الاخر، خاصة في التعامل والأندماج! والذي جعل من الذكور يجهلون الكيفية والطريقة والأداء في التخاطب مع الجنس الأخر، خاصة في المجتمعات المغلقة، الذكورية منها، فلا يوجد طريقة معينة في التعامل سوى ما مخزون منه في العقل الباطن، وهو الجنس!.
4. ساعد رجال الدين والشيوخ والدعاة ..، كخطاب وتوجيه، وحث على التحجب والتنقب ..، في زيادة الهوة بين الجنسين، وهذا الأمر ساهم على زيادة وتيرة التحرش الجنسي، حيث الأن الذكور، هم أصلا مغيبين عن التفاعل مع الجنس الأخر، وما يشاهدوه هو المرأة “المقمطة” بلباس يقال له اللباس الأسلامي! وأغلبهم يجهلون ما يكمن وراء هذا اللباس من أشكال!، فيلجأ الذكور الى ممارسة التحرش كنوع من أفراغ الغرائز الجنسية! وكوسيلة معرفية!.
5. لجاء الكثير من الفنانين الى حلول قد تبدوا أكثر جرأة وغير مسبوقة، وهذا ما دعت أليه المخرجة المصرية أيناس الدغيدي، حيث طالبت .. (بترخيص بيوت الدعارة فى مصر، معتبرة أنها تحمي المجتمع وقد تشكل حلاً لإنهاء قضايا التحرش الجنسي، خاصة وأن الأمر موجود ولا يمكن إنكاره، على حد تعبيرها ..) / جاء هذا في مقابلة مع قناة الحياة المصرية في 6.2.2016 .
كلمة:
أن التوجيه الديني لرجال الدين، خاصة المسلمين، بأن المرأة أن تلزم بيتها، وأذا أضطرت للخروج أن تتنقب أو أن تتحجب .. والدعوة الى عدم الأختلاط، كل هذا من أجل وضع الملف في عمامة رجال الدين، وذلك من أجل السيطرة على العلاقات المجتمعية وعلى التقاليد والأعراف والعلاقات الأسرية ..، وذلك من أجل وضع كل هذا الملف في ذمة رجال الدين الذين يعتاشون على فتاته، هذا الأمر وغيره وجه المجتمع الى خلق حدود بين الجنسين، وساعد أيضا على خلق فصل مجتمعي في كيان هو بالأصل كيان واحد بشقيه الذكوري والانثوي، هذا التغريب والتجهيل وتحريم الأختلاط هو النواة والأساس في بروز ظاهرة التحرش الجنسي، فأذا أردتم البحث عن أي مشكلة مجتمعية فأبحثوا عن رجال الدين الذين يقتادون من بناء أسوار الفصل بين قطبي الحياة وهما الرجل و المرأة!.  
(*) JANUARY 10, 2016 برلين ـ “راي اليوم” ـ جاسم محمد: تتفاعل حادثة التحرش الجماعي مع ردود افعال مسؤولين ورأي عام للشارع الالماني ، بعد ان تعرضت مئات النساء في مدينة كولونيا ليلة الاحتفال بالعام الجديد 2016 للتحرش الجنسي. ومازالت الشرطة تبحث عن المتهمين وتجري تحقيقات مع عدد من المشتبه فيهم .. تعليقات بعض ابناء الجالية المسلمة في المانيا وصفت الحادث بانه مفتعل ضد الاجانب، واخذ اهتماما اكبر من حجمه الحقيقي. وجائت ردود فعل وزير العدل الألماني “هايكو ماس″ سريعة بقوله ان هناك إمكانية ترحيل المتورطين في حالات الاعتداء التي وقعت في مدينتي “كولونيا وهامبورغ” . وقال “ماس″ في تصريحات صحفية : “يجب معاقبة كل من يعتقد أنه قادر على أن يكون فوق القانون والعدل في بلادنا، بغض النظر عن البلد التي جاء منها ”. وأشار “ماس″ إلى إمكانية تطبيق عقوبة السجن حتى على طالبي اللجوء خلال فترة البت في الطلبات، وفي سياق اخر، تواجه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انتقادات متزايدة بعد هذه الحوادث، احتجاجا على سياسة الانفتاح التي تنتهجها حيال اللاجئين في وقت يسعى فيه خصومها لاستغلال هذه الحوادث ضد سياسة المستشارة ..

 

 

Follow Us