Articles Arabic

واخيرا رفع البابا فرنسيس صخرة كانت تثقل صدر الكنيسة الكاثوليكية لمدة 5 قرون

الكاتب: حمورابي الحفيد

 الحقيقة أقر بأني لست الشخص المؤهل لتناول موضوع حساس كهذا، لكن الصمت الذي لحق هذا الحدث التاريخي من قبل الجميع كأن شيئا لم يحدث وجدت من مسؤوليتي انطلاقا من مبدأ بما اني اعرف اذا انا مسؤول لهذا دفعتني غيرتي لتحمل أعباء هذه المبادرة التي تلقي الضوء لحدث بهذا الحجم والاهمية.

 لقد حدث تصحيح تاريخي لخطأ أرتكبه السلف في الفاتيكان منذ سنة 1520 والى ايامنا هذه، وقد مر هذا الانجاز الشجاع مر الكرام دون ان ينتبه اليه احد او يشيد بأهميته لانه يصدم الكثيرين ممن يعتقدون بان الكنيسة لا تخطيء.

 وهذا خلط للاوراق من قبل الغالبية المطلقة من المؤمنين بالوراثة، نعم ان الكنيسة لا تخطيء لكن من يدير الكنيسة من رجال بشر كأي انسان اخر يتأثرون بالمؤثرات من حولهم وبسبب الضعف البشري الذي نتوارثه من غرائز، فالحقيقة هي ليس هناك من لا يخطيء فلكل يوم في حياة الانسان احكامه وضروراته في تحديد مواقفنا تجاه المستجدات والمواقف التي نتخذها تجاه اي منها، ونحن كبشر تحت مؤثرات عديدة تتحكم في خياراتنا وليس بيننا من معصوم، وهذا ما ينطبق على رجال الكنيسة حالهم حال اي فرد او مخلوق بما يحمله من نوازع الخير والشر، هذه هي طبيعتنا جميعا لم تكن خيارنا لكن هذا كان قدرنا حيث لم يكن لنا اي رأي في ماهية خلقنا ولا توقيته ولا مكان حدوثه.ان رحلة الحياة هي التي تصقل شخصياتنا وتتشكل اطرها من تأثيرات البيئة الاجتماعية التي ننمو فيها بدأ من الوالدين والجيران والمجتمع ككل والمدرسة وكل ما له من تأثيرات من القيم السائدة في ذلك المحيط في بلورة نوع الانسان الذي نصبح عليه والذي في النهاية يتحكم بسلوكياتنا.

 الحدث الذي انا بصدده هو الزيارة الرسمية الاخيرة لقداسة البابا فرنسيس الى مملكة السويد مدعوا من الحكومة السويدية وكنيستها البروتستانتية ولم تكن هذه الزيارة كغيرها من الزيارات التي اعتاد قادة الدول والمجتمعات تبادلها فيما بينهم للتعارف وتبادل المعلومات بين انواع الثقافات المختلفة وبناء جسور التواصل فيما بينها لمصلحة الجميع.

 لكن هذه الزيارة كانت تاريخية بكل معنى الكلمة اتصفت بالشجاعة التي كان يتطلبها الموقف من قوة الشخصية من جهة والتحلي بالتواضع اللازم لتصحيح خطأ تحجر في أذهان أتباع الكنيسة الكاثوليكية كحقيقة لا تقبل الجدل في ادانة الاخر المتمثل في الاصلاح الكنسي الذي دشنه الراهب الالماني مارتن لوثر.

 مما أدى الى انشقاق الكنيسة ونتيجة لذلك اتخذ الفاتيكان موقف معاد لطروحات مارتن وحرم بسببها من الكنيسة وكأن نواة هذا الانشقاق هو بدعة غفران الخطايا مقابل شراء صكوك الغفران لاعمار كنيسة القديس بطرس في حضيرة الفاتيكان.

 فاعترض مارتن لوثر على هذه الدعوة اذ وجد فيها انها لا تنبع من روح التعاليم المسيحية اذ انه ركز على ان غفران الخطايا لا يحصل الا بالايمان وكان الرجل ضليعا في ثقافته الواسعة وحصوله على اعلى الدرجات الاكاديمية بضمنها اللاهوتية والعلوم الدينية وكانت النتيجة حروب ودماء جرت في كل ارجاء اوروبا والى وقت ليس بالبعيد الحرب بين الكاثوليك والبروتستانت في انكلترا وارلندا والسبب خطأ اقترفه القائمين على شؤون الفاتيكان يومها ومضى على هذه العداوة اكثر من خمسة قرون من عداء وقطيعة وحروب وتقطيع جسم المسيح دون رحمة فأين الذي يصرون على القول ان رجال الدين لا يخطاؤون؟؟؟؟

 لان الذي تمخضت عنه هذه الزيارة كانت جلسات عمل وحوارات ونقاش بين قداسة البابا ورئيس اساقفة مملكة السويد (ما يقابل مرتبة البطرك عندنا) وخلصوا على اصدار بيان يعلن فيه البابا ان مارتن لوثر كان مكلفا ومختارا من العناية الالهية لاصلاح الكنيسة وهو من ابنائها البررة واعتبار الكنيستين واحدا في المسيح.

 فهل كان العناد والاصرار على هذا الخطأ وعدم الاعتراف به يتماشى مع تواضع المسيح ومبدأ الاعتراف بالخطا فضيلة.

 من هذا علينا ان لا يتملكنا الغرور والكبرياء على الاعتقاد ان كل شيء هو على ما يرام في كنيستنا، اذ هناك احمال من الاثقال يجب ازاحتها لكي تنعم الكنيسة ورجالها بأجواء صحية ينالون بفضلها الاحترام الذي هم اهل له، المسؤولية على الكل ان يعاد النظر بكل المنضومة القيمية للكنيسة التي تشكلت عبر الاجيال وان تنعش بهواء نقي كي تتماثل رئتيها المحتقنتين الى الشفاء من شدة الاحتقان .

 فالصحة شرط مطلوب توفره في جسمها المنهك بمعتقدات لم تعد صالحة لزماننا وليس الكثير منها من صلب الايمان المسيحي….تحياتي.

2017 – 02 -12

Follow Us