Articles Arabic

قراءة في “وصية الرسول محمد التي لم تكتب

يوسف تيلجي
أستهلال:
سأعرض في هذا البحث المختصر واقعة محاولة الرسول محمد كتابة وصيته/والتي عرفت برزية يوم الخميس ( * 1 يرجى الأطلاع على معنى كلمة البرزية) .. والوصية بمضمونها العام  لما إشتد بالنبي ‏محمد ‏وجعه قال: ‏‏إئتوني بقلم وورقة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، قال عمر : ‏أن النبي  ‏غلبه  ‏الوجع وعندنا كتاب اللـه حسبنا فإختلفوا وكثر‏ ‏اللغط ، فقال الرسول:قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ..”. 
المقدمة:
بادئ ذي بدأ أن حق “الوصية” حق مكفول للجميع، أن كان رسولا أو وليا أو شيخ قبيلة أو فردا عاديا، في مغزى هذه الواقعة الجلل المستقاة من مأثور التأريخ الأسلامي، التي حدثت قبل وفاة الرسول بأربعة أيام، لا بد لنا أن يكون لنا وقفة تأمل وتساؤل وتحليل، وهو “لماذا منعوا الرسول من كتابة وصيته!” ومن المستفيد! … في هذه البحث المختصر سأتناول الموضوع كما يلي، سأبين معنى كلمة وصية أولا ثم سأسرد تفسيرا كما ورد في مصادر أهل السنة ومن ثم تفسيرا أخرا وفقا لمراجع الشيعة الجعفرية، ثم سأعرض قراءتي الحداثوية للواقعة، ثم خاتمة للموضوع.
النص:
في البداية لنأخذ فكرة عن معنى كلمة وصية لغويا وفقهيا، فقد جاء فيمنتدى كلية الحقوق أن الوصية لغويا، هي (الوصل، مأخوذة من وصيت الشئ أصيه إذا وصلته. والوصية هي الإيصاء، وتطلق بمعنى العهد إلى الغير في القيام بفعل أمر، حال حياته أو بعد وفاته، يقال: أوصيت إليه: أي جعلته وصياً يقوم على من بعده. وهذا المعنى اشتهر فيه لفظ: الوصاية)، وذات المصدر يرى أن الفقهاء فرقوا بين اللفظين فقالوا (إن معنى أوصيت إليه: عهدت إليه بالإشراف على شؤون القاصرين مثلاً. وخصوا هذا بالوصاية والإيصاء. ومعنى أوصيت له: تبرعت له وملكته وملكته مالاً وغيره. وخصوه بالوصية. وتطلق أيضاً على جعل المال للغير: يقال: وصيت بكذا أو أوصيت بكذا، أي جعلته له، والوصايا جمع وصية تعم الوصية بالمال والإيصاء أو الوصاية)... والأن سأسرد تفسيرين مختلفين مذهبيا فيما يتعلق بواقعة وصية الرسول التي لم تكتب:
* فقد ورد في موقع الأسلام سؤال وجواب/نقلته بتصرف، الأتي  عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: (هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ) قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمْ الْقُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّـهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّـهِ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ قَالَ: (قُومُوا عَنِّي) قَالَ عُبَيْدُ اللَّـهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّـهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِم  .رواه البخاري ( 6932 ) ومسلم ( 1637):
1.    أمر النبي لأصحابه الذين حضروه في مرضه بإحضار ورقة وقلم ليملي عليهم شيئاً لم يكن يتعلق بوحي جديد، لم يبلغه للناس، ولا بأمر شرعي يحتاجه الناس في دينهم، ثم ترك إعلامهم به لأجل ما حصل. والدليل على ذلك :
أ. أن هذه الحادثة كانت يوم الخميس، وقد توفي النبي صلى اللـه عليه وسلم يوم الإثنين، أي: بعده بأربعة أيام، وكان بإمكانه الطلب من آخرين كتابة ذلك الكتاب، فلما لم يفعل: علمنا أنه لم يكن وحياً فيكتمه.
ب. أن اللـه تعالى قد أثنى على نبيه بأنه قد بلَّغ ما أوحي إليه، وقد امتنَّ اللـه تعالى على هذه الأمة بإكمال الدين، وإتمام النعمة، والقول بأن ما لم يكتبه النبي هو من الدِّين الذي تحتاجه الأمة عامة، فيه اتهام للنبي بعدم تبليغ الرسالة، وفيه تكذيب للرب تعالى في خبره بإكمال الدين وإتمام النعمة على العباد.
ج. ويؤيد ما ذكرناه: اختلاف الصحابة الذين كانوا مع النبي في فهم أمره، والوقوف على حقيقة معناه؛ وإلا لسارع الجميع إلى تنفيذه، وقد ثبت عنهم أنهم خلعوا نعالهم في الصلاة لمجرد رؤيته يخلع نعله فيها، ودون أن يأمرهم بذلك، فهل مثل هؤلاء يخالفون أمراً يعتقدونه من الوحي؟! حاشاهم، ولذلك قام بعضهم بإحضار ورقة وقلم، كما طلب منهم نبيهم، وامتنع آخرون، ظانين أنه صلى اللـه عليه وسلم قد يكون غلبه الوجع، أو يكون أمره إرشاد.
2. عزمه على الكتابة: إما أن يكون بوحي نسخ، أو باجتهاد تبين أن المصلحة في تركه. قال النووي – رحمه اللـه – :وكان النبي همَّ بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة، أو أوحى إليه بذلك، ثم ظهر أن المصلحة تركه، أو أوحي إليه بذلك، ونسخ ذلك الأمر الأول. شرح مسلم ” ( 11 / 90 )، ونقل نحوه الحافظ ابن حجر عن المازري. ينظر: “فتح الباري ” ( 8 / 13) .
3. الرافضة يزعمون أن النبي قد أوصى بالخلافة بعده لعلي بن أبي طالب، فما لهم ولهذه الحادثة، وما حاجتهم للتلاعب بها، وادعاء أنه أراد أن يكتب وصية لعلي بعده؟! ولماذا لا تكون الوصية التي كانت ستكتب في هذا الكتاب: هي وصيته لأبي بكر عنه بالخلافة من بعده؟! قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه اللـه – :ومَن توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة علي: فهو ضال، باتفاق عامة الناس، من علماء السنَّة، والشيعة، أما أهل السنَّة: فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه، وأما الشيعة القائلون بأن عليّاً كان هو المستحق للإمامة: فيقولون: إنه قد نُصَّ على إمامته قبل ذلك نصّاً جليّاً ظاهراً معروفاً، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب.
* قد جاء في موقع “مركز الشيعة العالمية” حول منع بعض الصحابة رسول اللـه في كتابته للوصية/نقل بتصرف ((.. هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب اللـه، فاختلف أهل البيت، فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي، قال رسول اللـه: قوموا. قال عبيد اللـه: وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللـه وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم “( 1 ). وفي صحيح مسلم، كان ردهم: ” فقالوا: إن رسول اللـه يهجر” ( 2 ) وفي رواية: ” .. فقال عمر كلمة معناه أن الوجع قد غلب على رسول اللـه ثم قال: عندنا القرآن، حسبنا كتاب اللـه” ( 3 )، حيث تجد أن كلمة يهجر قد استبدلت في الرواية الأخيرة بما معناه أنه الوجع (الأكثر تهذيبا). وبالتمعن في الروايات أعلاه، نتيقن أن أول من وصف الرسول بالهجران إنما هو عمر بن الخطاب والذي أيده في ذلك بعض الحاضرين من الصحابة مما أدى إلى غضب الرسول، وطرده إياهم من مجلسه بقوله: “قوموا عني” . والحقيقة إن هذه الحادثة يفهم منها بدون أدنى شك إساءة إلى شخص الرسول الكريم، والتي كانت صدمة كبيرة لي لدى علمي بها، والتي حسب ظني يجهل حدوثها الغالبية العظمى من أهل السنة بالرغم مما تحويه من أهوال ! وكثيرا ممن أسمعتهم هذه الحادثة لم يصدقوا بها من هول الصدمة، بل إن بعضهم أقسم الأيمان الغلاظ بأنه إذا صدف فعلا وجود هذه الحادثة في صحيح البخاري، فإنه لن يثق بعد ذلك بأي رواية في هذا الصحيح. وبعضهم صدق هذه الرواية ولكنه لدى العلم بأن الخليفة عمر هو الذي أول من رمى الرسول بالهجران غضب غضبا شديدا ورفض التصديق بذلك، بل وقرر عدم الوثوق بصحيح البخاري أو بأي من كتب الحديث التي تروي مثل هذه الروايات التي تسئ إلى السلف الصالح على حد رأيه! وسر الدهشة في هذه الحادثة هو أنه كان ينبغي على جميع الصحابة الحاضرين، أن يقدموا دون أدنى تأخير ما أمرهم الرسول به لو التزموا وأطاعوا كما يظهر من الرواية هذه، ومن كان من أهل السنة ليتوقع أن آخر لقاء بين الرسول وكبار الصحابة انتهى بطرده إياهم من مجلسه بعد أن ودعوه بتلك الكلمة المؤلمة والتي لا يحتمل لها سوى معنى واحد وقد ذكره النووي في شرحه على صحيح مسلم بأنه “الهذي” والعياذ باللـه، وكما ذكر الإمام شرف الدين: (وإذا تأملت في قول الرسول: “آتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده”) وقوله في حديث الثقلين: “إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب اللـه وعترتي أهل بيتي” تعلم أن المقصود في الحديثين واحد، حيث أراد الرسول في مرضه أن يكتب لهم تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقلين، ولكنه عدل عن الكتابة بعد كلمتهم تلك التي فاجؤوه بها اضطرته إلى العدول لئلا يفتح البعض بابا إلى الطعن في النبوة – إذ لم يبق أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده في أنه هجر فيما كتبه – والعياذ باللـه – أم لم يهجر، كما اختلفوا بذلك في حضرته كما يظهر من خلال الأحاديث السابقة، وقد اكتفوا بما عندهم من القرآن وجوزوا لأنفسهم العدول عن كلام النبي وهو في حال المرض، وكأنهم قد نسوا ما قاله جل وعلا في حق نبيه الكريم: (وما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى*علمه شديد القوى) والآية (وما آتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا) وكذلك الآية: (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين*مطاع ثم أمين*وما صاحبكم بمجنون). وقد وصف ابن عباس ذلك الموقف خير وصف عندما قال: “إن الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم”. ورغم كل ذلك، وبناء على ما رواه ابن عباس وأخرجه البخاري في صحيحه فإن الرسول ما مات إلا وقد أوصى: “فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها”!، ومن المؤكد أن الرسول نطق بهذه الوصايا بحضور أهل بيته وبعض أقاربه والذين كان عبد اللـه بن عباس (ابن عمه) واحدا منهم، وذلك في أحد الأيام الأربعة التي تلت يرم الرزية “رزية يوم الخميس”. لكن الغريب، أن (الوصية الثالثة) وعلى ذمة البخاري أن ابن عباس لم يشأ أن يذكرها، وعلى كل حال، فإن الشيعة ومما روي من طريق أهل البيت عليهم السلام ذكروا أن الوصية المنسية أو المسكوت عنها هي استخلاف علي عليه السلام)).
القراءة:
بعيدا عن التفسيرين لهذه الواقعة/ذات المرجعية السنية والشيعية، وددت أن أدلو بدلوي بهذا الموضوع، وبشكل منطقي، وحسب قراءتي للواقعة وتحليلي لها.. :
أولا بالنسبة للجمع الحاضر، فأن كل التفاسير تؤكد بشكل رئيسي على حضور عمر بن الخطاب، لأن الحدث يتمحور على حواره مع الحضور، وهكذا مجمع لا يغيب عنه أبو بكر وكبار الصحابة، وبعض التفاسير تشير بالأسم الى حضور عبداللـه بن عباس (أبن عم الرسول) وعبيداللـه بن عبد اللـه، ومن البديهي أن يحضر علي بن أبي طالب (أبن عمه وزوج فاطمة أبنته) والحسن والحسين/على أعتبارهم من أل البيت.. وهذا يعني حضور علية القوم وأهل الربط والحل والكلمة والقوة.. ثانيا أن عمر تميز بالجرأة والشجاعة والأندفاع، وهو الذي أبطل في عام الرمادة، الكثير من الأيات كقطع يد السارق، وألغى سهم المؤلفة قلوبهم ..، وهكذا أمر ليس بعيدا أو مستغربا عن عمر!. ثالثا من طرح الحدث أرى أن عمر ( * 2 يرجى الاطلاع على الفيديو) كان هو سيد الموقف، لان رفضه لطلب الرسول يشير الى أنه لم يلقى معارضة أو ردا رادعا، خاصة أن الطلب مقدم من الرسول نفسه!، وما حصل بين طلب الرسول ورفض عمر هو أختلاف ولغط بين الحضور بين مؤيد ورافض، وأنتهى الأمر لرأي عمر، أذن أمر الرسول بأن يكتب وصية لم تتم الموافقة عليه! وهو الرسول الأمين، الذي لا ينطق عن الهوى! وغير أبهين بما قال تعالى عن الرسول في سورة النجم ﴿(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15).. ))، فكيف لم يعطى الفرصة لقول كلمته التي ربما تكون الاخيرة وهو على فراش الموت!. رابعا أن الوصف الذي أعطاه عمر للرسول/ بأختلاف الروايات، أن كان انه “يهجر” أو “يهذي” أو “غلبه الوجع” أنما يدل أن وضع ومكانة الرسول قد ضعفت ووهنت قواه لذا لم يهتموا حتى من باب الفضول لسماع ما يقوله رسولهم.. أذن الحضور وعمر سلموا الى أن الرسول “قضى” وأي كلام أخر أصبح ليس ذا تأثير. خامسا الذي يظهر من الحدث وتحليله المنطقي، ان الرسول بقى بلا مساند أو عضيد أو مدافع عن رأيه، حتى من قبل آل بيته!، وهو يقضي أخر أيامه، لذا أنتهى الأمر الى عدم كتابة أي وصية!. سادسا في موضوع أخر ذا صلة، هل الرسول يقرأ ويكتب أو أنه أمي! لأن حديثه/على أختلاف الروايات: (قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده) أو (هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ) أو (آتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده)، تدل على أن الرسول يكتب ويقرأ، لأنه لم يقل قربوا فلانا يكتب لي!. سابعا من تحليل ختام الحدث، أن الرسول طردهم جميعا، وقال للجمع/على أختلاف الروايات: (قُومُوا عَنِّي) أو (قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ..) أو (قوموا لأنه لم يعتاد على أختلاف الصحابة على أمر محدد بحضوره!، وأرى أن واقعة الطرد تدل على أن الرسول لم يعد ذا رأي مسموع من قبل صحابته، علما أن الحضور أقرب القوم أليه، حيث منهم صحابته وآل بيته وبعض رجال العشرة المبشرين بالجنة.. ثامنا من الممكن أن يكون ما سيكتبه الرسول هو وحيا، بالرغم من أن الجمع قال: (علمنا أنه لم يكن وحياً فيكتمه)، لأجله أن الصحابة لم يكونوا مكترثين بالأمر بجملته بعدما وصل الحال بالرسول محمد الى ما هو عليه. تاسعا أما رواية أبن عباس عن أن الرسول أوصى بـ (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها)، فمن الممكن أن يكون قد أوصى كذلك ولكن في وقت وزمن ومكان غير ماذكر، ولا أرى أن هكذا وصية تقال بهكذا وقت جلل حيث قال عنها المذكور أعلاه (إن الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم). عاشرا المستفيد من عدم كتابة الوصية هو أبو بكر وعمر، مع أبقاء الحال المخطط له على ما هو عليه، وهو تنصيب أبو بكر خليفة للمسلمين دون غيره! مع أتفاق ضمني على تولية عمر كثان خليفة للمسلمين، أن السلطة والحكم هو المراد والمبتغى بعد وهن الرسول!.
أضاءة:
أن تواجد الصحابة مع الرسول، في مكان وزمان محدد حال قرب منيته، كان جل تفكيرهم وهمهم ينصب على عملية أختيار من سيكون الخليفة المقبل بعد رحيل الرسول، بين المهاجرين والأنصار، كما حدث في سقيفة بني ساعدة فيما بعد يوم ممات الرسول، ومن المعروف أن عمر وأبو بكر متفقان، وقد حزما أمرهما على أن الخليفة القادم هو أبو بكر، وأن أحتمال أنتقال الخلافة الى علي بن أبي طالب في حال كتابة الوصية هو مجرد أحتمال أراد عمر وجماعته أن يبعدوا هذا الأمر قدر الأمكان وكان لهم هذا!، وان الجمع لم يكونوا على أستعداد لسماع أي أمرا أخرا ربما كان سيغير من خططهم ومرادهم بالنسبة لخلافة الرسول! أن الجمع على يقين تام أن الرسالة المحمدية ستنتهي بموت الرسول، وأن الذي سيبدأ هو عهد أو حقبة الخلافة والسلطة والحكم، وهذا ما كان في ذهن وعقلية الصحابة قبل وفاة الرسول والتي عرفت بزرية يوم الخميس، وهذا ما كان بالتحديد ما يدور بشكل رئيسي في خلد وفكر عمر بن الخطاب ونطق به علنا وصراحة وبكل جرأة و بلا أي مراعاة أو أكتراث لمكانة وهيبة الرسول محمد.
———————————————————————-
( * 1) جاء في قاموس المعاني، أن الرزية تعني ((رَزيّة: (اسم) الجمع: رَزَايَا، رَزِيَّةٌ عَظِيمَةٌ: مُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ، رَزِيئَةٌ، رُزْءٌ، رَزّ: (اسم)، رَزّ: مصدر رَزَّ)).
( *2 ) شيخ ازهري، عمر بن الخطاب والصحابه منعوا الرسول من كتابة وصيته، للأطلاع أنظر الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=LcrsLTZJPIg

Follow Us