News Arabic

أهالي الفلوجة يواجهون مصيرهم في الصحراء

كتب أحمد النعيمي :

تحت أشعة الشمس الحارقة وعلى أرض جرداء، يتكدّس نحو 24 ألف نازح من أهالي الفلوجة صبية وشباباً ورجالاً، في انتظار دور كلٍّ منهم في التدقيق الأمني.
ينتظرون أن تحين أدوارهم ويتحقّق الموظفون من أوضاعهم إلكترونياً عبر حواسيب لا تكفي لتغطية أعداد النازحين الهائلة. ينتظرون بلا ماء ولا طعام، في شهر رمضان الذي يُعدّ من الأكثر حرارة منذ عقود. في العراء أيضاً، تنتظر نحو 41 ألف امرأة وطفل مصير الأزواج والآباء والأقرباء المحتجزين.
 سبقت ذلك رحلة عذاب طويلة على مدى عامين ونصف العام، من القصف والموت والجوع والحصار… ولا يعرف أهالي الفلوجة هؤلاء، إذا كانت هذه المحطّة آخر محطات رحلة عذابهم الطويلة، أم تتبعها فصول أخرى من المعاناة. تكشف منظمات المجتمع المدني عن أنّ الحكومة العراقية ومنظمة الأمم المتحدة والمنظمات العربية والدولية المختلفة غائبة تماماً عن المشهد، الأمر الذي جعل الأزمة تتحوّل إلى كارثة إنسانية حقيقية.
يقول رئيس “منظمة أمل”، عادل العبيدي، إنّ” 65 ألف نازح وصلوا إلى عامرية الفلوجة قبل أربعة أيام، آتين من الفلوجة، من دون أن تتوفّر لهم خيم ولا طعام ولا مياه للشرب. واليوم تنتظر النساء مع الأطفال في العراء، فيما الرجال والشباب في الحجز الأمني لتدقيق أسمائهم”.
ويضيف أنّ “ما يُروّج له من تقديم مساعدات وخيم لإيواء النازحين هو غير صحيح. ومن جهتنا لا نملك الإمكانيات المادية اللازمة لتقديم المساعدة لهم”. ويتابع أنّ “نحو 25 ألفاً آخرين توجّهوا نحو منطقة الحبانية، غرب الفلوجة. والحال هناك هو نفسه.. لا طعام ولا مياه شرب ولا خيم. هم في العراء”. 
ويلفت العبيدي إلى أنّ “حالات وفاة تسجَّل يومياً بين النازحين المحتجزين في انتظار التدقيق الأمني، خصوصاً من بين المرضى وكبار السنّ.
وكذلك، يقضي بعض الأطفال الذين يرافقون أمهاتهم”. إلى ذلك، كشف مصدر أمني من قيادة عمليات الفلوجة، طلب عدم الكشف عن هويته، عن أنّ “سبعة حواسيب فقط خُصّصت للتدقيق بأسماء نحو 24 ألف رجل وشاب. ونتيجة الإجراءات البطيئة جداً، فإنّ فترة احتجازهم قد تستمر لأسابيع أو شهور”. وأوضح المصدر أنّ “الذكور الذين تحتجزهم القوات الأمنية هم من مواليد 1966 إلى 2003، أيّ أنّ أعمارهم تتراوح بين 13 و60 عاماً”.
 يُذكر أنّ ذلك يأتي بعد أيام قليلة من تصريح منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، ليزا كراند، بأنّ “المنظمة لا تستطيع مساعدة النازحين لعدم امتلاكها الأموال الكافية”، فيما يغيب ممثلو الأنبار في البرلمان والحكومة عن كلّ ذلك تاركين الناس يواجهون مصيرهم المجهول.
من جهة أخرى، يُمنع نازحون من العبور نحو العاصمة بغداد بعد الانتهاء من إجراءات التدقيق الأمني، إذ أغلق جسر بزيبز في وجههم. لكنّ العبور ممكن لكلّ فرد يستطيع دفع 500 دولار أميركي، بحسب ما تفيد مصادر أمنيّة.
وبالتالي، يمكن القول إنّ معبر بزيبز هو إلى تجارة مربحة لعناصر الأمن والمليشيات. ويشكو النازح، محمد الدليمي، (39 عاماً)، قائلاً: “اضطررت إلى دفع ثلاثة آلاف دولار، وهي كل ما أملك، لأعبر بأسرتي نحو العاصمة قبل النزوح الأخير”. 

كتابات

Follow Us